للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا (٢٩) وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (٣٠) أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا (٣١) وَالْجِبَال أَرْسَاهَا (٣٢)} (١). (١: ٤٨/ ٤٩).

فإن قال قائل: فإنَّك قد علمتَ أن جماعةً من أهل التأويل قد وجهَت قول الله: {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} إلى معنى "مع ذلك دحاها"، فما برهانُك على صحة ما قلت، من أن "ذلك" بمعنى "بَعْد" التي هي خلاف "قبل"؟

قيل: المعروف من معنى "بعد" في كلام العرب هو الذي قلنا من أنها بخلاف معنى "قبل" لا بمعنى "مع"؛ وإنما تُوَجَّه معاني الكلام إلى الأغلب عليه من معانيه المعروفة في أهله، لا إلى غير ذلك (٢). (١: ٤٩).

وإذا كان الأمرُ كذلك كان خلقُ الأرض قبل خلق السموات، ودَحْوُ الأرض وهو بسطها بأقواتها ومراعيها ونباتها، بعد خلْق السموات، كما ذكرنا عن ابن عباس (٣). (١: ٥٠/ ٥١).


(١) صحيح.
(٢) رجح الطبري هنا أن الأرض خلقت قبل السموات (ولكن بدون دحو) ثم خلق الله سبحانه السموات ثم دحا الأرض واعتمد على المعنى اللغوي واستشهد بروايتين ضعيفتين عن ابن عباس.
(٣) صحيح.
لقد ذكر الطبري رحمه الله آثارًا عن عدد من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم تبين جميعها أن كل يوم من الأيام الستة التي خلق الله فيها السموات والأرض تعادل ألف سنة مما يعد البشر، وهي أخبار راجحة فيها.
وهي تفاسير متأثرة بروايات أهل الكتاب، والله سبحانه يقول في محكم التنزيل: {مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ}.
فلا حجة إلا بخبر صحيح عن الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام وتبقى هذه الأقوال والأخبار احتمالات لا دليل لها سواء كانت راجحة عند الطبري أو غير راجحة عند غيره كابن الأثير (١/ ٤١).
ولقد روى غير واحد من الأئمة عن ابن عباس خبرًا لم يذكره الطبري في تأريخه حول هذه الآية:
قال الإمام الشوكاني رحمه الله تعالى: أخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف والحاكم وصححه عبد الله بن أبي مليكة قال: (دخلت على عبد الله بن عباس أنا وعبد الله بن فيروز مولى عثمان بن عفان فقال له ابن =

<<  <  ج: ص:  >  >>