المسلمون فيه، ناصرًا لهم ودافعًا عنهم، فآجرْني بنيتي إذ عدمتُ صالِحَ الأعوان! ثم انحدرتْ دموعه يبكي.
وذكر عن بعض من حضر المهتدي في بعض مجالسه التي يقول فيها هذا القول، وحضره سليمان بن وهب، فقال: أيأمرني أميرُ المؤمنين أن أكتب إلى موسى بما أسمع منه؟ فقال له: نعم، اكتب بما تسمعُ مني؛ وإن أمكنك أن تنقشه في الصخر فافعل. فلقيه الهاشميان في الطريق ولم يُغنيا شيئًا، وضجّ الموالي، وكادوا يثبون بالرّسل، ورد موسى في جواب الرّسالة، يعتذر بتخلّف من معه عن الرجوع إلى قوله دون ورود باب أمير المؤمنين، وأنه إن رام التخلف عنهم لم يأمنهم على نفسه، ويحتجّ بما عاين الرّسل الموجهون إليه. فورد الرسل بذلك، وأوفد مع الرسل موسى وفدًا من عسكره، فوافوا سامرّا لأربع خلوْن من المحرّم سنة ست وخمسين ومئتين.
* * *
[ذكر الخبر عن مفارقة كنجور عليّ بن الحسين بن قريش]
وفي هذه السنة فارق كنجور عليَّ بن الحسين بن قريش، وكان قد نُفيَ أيام المعتز إلى فارس، فوكل به عليّ بن الحسين، وحبسه؛ فلما أراد عليّ بن الحسين محاربَة يعقوب بن الليث أخرجه من الحبس، وضمّ إليه خيلا ورجالًا، فلما انهزم الناس عن عليّ بن الحسين لحق كنجور بناحية الأهواز، فأثّر في ناحية رامهرمز أثرًا، ثم لحق بابن أبي دُلف، فوافاه بهمَذان، وأساء السيرة في أسباب وصيف وضياعه ووكلائه في تلك الناحية، ثم لحق بعد ذلك بعسكر موسى، فلما أقبل موسى فيمنْ ضمه العسكر، بلغ ذلك صالحًا، فكتب عن المهتدي في حمل كنجور إلى الباب مقيّدًا، فأبى ذلك الموالي، ثم لم تزل الكتب تختلف فيه إلى أن نزل العسكر القاطول، ثم ظهر أن صالحًا قعد لمراغمته، وأنّ موسى ترحّل إلى سامرّا على المباينة لصالح ومن مال إليه، ولحق بايكباك بعسكر موسى، وأقام موسى هناك يومين ووجّه المهتدي إليه أخاه إبراهيم لأمه في أمر كنجور يعلِمه أنّ الموالي بسامرا قد أبوْا أن يقارّوا على دخول كنجور، ويأمره بتقييده وحمله إلى مدينة السلام؛ فلم يتهيأ في ذلك ما قدّره صالح، وكان جوابهم