ولما تُوفِّي المعتضد كتب القاسم بن عبيد الله بالخبر إلى المكتفي كتبًا، وأنفذها من ساعته؛ وكان المكتفي مقيمًا بالرّقة، فلمّا وصل الخبر إليه أمر الحسين بن عمرو النصرانيّ كاتبه يومئذ بأخذ البيعة على من في عسكره، ووضع العطاء لهم، ففعل ذلك الحسين، ثمَّ خرج شاخصًا من الرّقة إلى بغداد، ووجّه إلى النواحي بديار ربيعة وديار مضر ونواحي المغرب من يضبطها.
وفي يوم الثلاثاء لثمان خَلَوْن من جمادى الأولى دخل المكتفي إلى داره بالحسنيّ؛ فلمّا صار إلى منزله، أمر بهدم المطامير التي كان أبوه اتّخذها لأهل الجرائم.
وفي هذا اليوم كنّى المكتفي بلسانه القاسم بن عبيد الله وخلع عليه.
وفي هذا اليوم مات عمرو بن الليث الصفار، ودُفن في غد هذا اليوم بالقرب من القصر الحسنيّ، وقد كان المعتضد - فيما ذكر - عند موته بعد ما امتنع من الكلام أمر صافيًا الحُرَميّ بقتل عمرو بالإيماء والإشارة، ووضع يده على رقبته وعلى عينه، أراد ذبح الأعور فلم يفعل ذلك صافي لعلمه بحال المعتضد وقرْب وفاته، وكره قتلَ عمرو، فلما دخل المكتفي بغداد سأل - فيما قيل - القاسم بن عبيد الله عن عمرو: أحيٌّ هو؟ قال: نعم، فسرّ بحياته. وذُكر أنَّه يريد أنْ يحسن
(١) وقال ابن الجوزي وكان المعتضد لما اشتدت علته أمر بأخذ البيعة لابنه علي (أي المكتفي) بالخلافة من بعده فأخذت البيعة بذلك على الناس ببغداد في عشية يوم الجمعة لإحدى عشرة بقيت من ربيع الآخر من هذه السنة قبل موت المعتضد بأربعة أيام ثمَّ جددت له البيعة صبيحة الليلة التي مات المعتضد فيها وكان المكتفي بالرقة فلما بلغه الخبر أخذ البيعة على من عنده ثمَّ انحدر إلى بغداد [المنتظم (١٣/ ٣)].