للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم مضى من عندِه حتى قدم على ابن الزبير، فأتى ابنَ الزبير فأخبَرَه بممرّ البريد على مروان، وتمثُّل مروان بهذا البيت، فقال ابن الزبير: لا والله لا أكون أنا ذلك المتضعّف؛ وردّ ذلك البريد ردًّا رقيقًا.

وعلا أمر ابن الزبير بمكة، وكاتَبه أهلُ المدينة، وقال الناس: أمّا إذ هَلَك الحسين عليه السلام فليس أحدٌ ينازع ابن الزبير (١). (٥: ٤٧٤ - ٤٧٥).

قال هشام: عن خالد بن سعيد، عن أبيه سعيد بن عمرو بن سعيد: إن عمرو بن سعيد لما رأى الناس قد اشرأبُّوا إلى ابن الزُّبير، ومَدُّوا إليه أعناقَهم؛ ظَنّ أن تلك الأمور تامّةٌ له، فبعث إلى عبد الله بن عمرو بن العاص -وكانت له صُحبهَ، وكان مع أبيه بمِصْر، وكان قد قرأ كتب دنيال هنالك، وكانت قريش إذ ذاك تَعُدّه عالمًا- فقال له عمرو بن سعيد: أخبِرْني عن هذا الرجل، أتَرَى ما يطلب تامًا له؟ وأخبِرْني عن صاحبي إلى ما ترى أمرَه صائرًا إليه؟ فقال: لا أرى صاحبَك إلا أحد الملوك الذين تتمُّ لهم أمورهم حتى يموتوا وهم ملوك، فلم يزدد عند ذاك إلا شدّةً. على ابن الزبير وأصحابه، مع الرفق بهم، والمداراة لهم.

ثمّ إنّ الوليد بن عتبة وناسًا معه من بني أمية قالوا ليزيد بن معاوية: لو شاء عمرو بن سعيد لأخذ ابن الزبير وبعث به إليك، فسرّح الوليد بن عُتْبة على الحجاز أميرًا، وعزل عَمرًا. (٥: ٤٧٦ - ٤٧٧).

ثم دخلت سنة اثنتين وستين ذكر الخبر عمَّا كان في هذه السنة من الأحداث فمن ذلك مقدم وفد أهل المدينة على يزيد بن معاوية

ذكر الخبر عن سبب مقدمهم عليه:

وكان السبب في ذلك -فيما ذكر لوط بن يحيى، عن عبد الملك بن نوفل بن مُساحق، عن عبد الله بن عروة: أنّ يزيد بن معاوية لما سرّح الوليد بن عُتْبة على الحجاز أميرًا، وعَزَل عمرو بن سعيد؛ قدم الوليدُ المدينة فأخذ غلمانًا كثيرًا لعمرو ومواليَ له، فحبَسَهم، فكلّمه فيهم عمرو، فأبى أن يخلّيَهم، وقال له:


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>