للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر بعض أخباره]

ذكر الحسين بن الضحاك أنه شهد الواثق بعد أن مات المعتصم بأيام، وقد قعد مجلسًا كان أوّل مجلس قعَده؛ فكان أوّل ما تُغُنّى به من الغناء في ذلك المجلس؛ أن تغنَّت شارية جارية إبراهيم بن المهديّ:

ما دَرَى الحامِلونَ يومَ استقلُّوا ... نَعْشَه للثواء أَمْ للفناء

فليقل فيك باكِياتُكَ ما شِئـ ... ـنَ صباحًا ووقت كلِّ مَسَاء

قال: فبكى والله وبكينا حتى شغلَنا البكاء عن جميع ما كنّا فيه، ثم اندفع بعض المغنيين فغنّى:

وَدِّعْ هريرة إِنَّ الرَّكبَ مرتحِلُ ... وهل تطِيقُ وَداعًا أَيها الرجلُ!

قال: فازداد والله في البكاء؛ وقال: ما سمعت كاليوم قطّ تعزية بأب ونعيّ نفس؛ ثم انفض ذلك المجلس (١).

وذكر عن عبد الله بن العباس بن الفضل بن الربيع أن عليّ بن الجهم قال في الواثق بعد أن ولي الخلافة:

قد فازَ ذو الدُّنيا وذو الدِّينِ ... بدولةِ الواثقِ هارونِ

أَفاضَ من عَدْلٍ ومن نائلٍ ... ما أَحسنَ الدنيا مع الدينِ!

قد عمَّ بالإحسانِ في فضلهِ ... فالناس في خَفض وفي لِين

ما أكثرَ الداعي له بالبقا ... وأكثرَ التالي بآمينِ

وقال عليّ بن الجهم أيضًا فيه:

وثِقَتْ بالمَلكِ الوا ... ثِقِ بالله النفوسُ

مَلكٌ يشقى به الما ... لُ ولا يشقى الجليسُ

أَنِسَ السيفُ به واستـ ... ـوحشَ العِلْقُ النفِيس

أَسدٌ تضْحَك عن ... شدّاتِهِ الحربُ العَبُوس

يا بنِي العباسِ يأبَى الله ... إِلا أَنْ تَسُوسُوا


(١) راوي الخبر الحسن بن الضحاك الشاعر المعروف بلقب الخليع لكثرة مجونه فكيف يَصُح خبره.

<<  <  ج: ص:  >  >>