بابك خلقًا كثيرًا، قيل أكثر من ألف، وهرب بابك إلى مُوقَان، ثم شخص منها إلى مدينته التي تدعى البذ (١).
[[ذكر الخبر عن سبب هذه الوقعة بين الأفشين وبابك]]
ذُكر أنَ سبب ذلكَ أن المعتصم وجَّهَ مَع بُغا الكبير بمال إلى الأفشين عَطاءً لجندهِ وللنفقات، فقدم بُغَا بذلكَ المالَ إلى أَردَبيل، فلمَّا نزل أردبيل بلغَ بابك وأصحابه خبرهُ، فتهيَّأ بابك وأصحابه ليقطعوا عليه قبل وصوله إلى الأفشين، فقدم صالح الجاسوس على الأفشين، فأخبره أنّ بُغا الكبير قد قدمَ بمال، وأن بابك وأصحابه تهيَّئوا ليقتطعوه قبل وصوله إليك.
وقيل: كان مجيء صالح إلى أبي سعيد، فوجَّهَ بهِ أبو سعيد إلى الأفشين وهيأ بابك كمينًا في مواضع، فكتب الأفشين إلى أبي سعيد يأمره أن يحتال لمعرفة صحة خبر بابك، فمضى أبو سعيد متنكرًا هو وجماعة من أصحابه، حتى نظروا إلى النيران والوقود في المواضع التي وصفها لهم صالح، فكتب الأفشين إلى بُغا؛ أن يقيم بأَردَبيل حتى يأتيه رأيَهُ، وكتب أبو سعيد إلى الأفشين بصحَّة خبر صالح، فوعد الأفشين صالحًا وأحسن إليه، ثم كتب الأفشين إلى بُغا أن يظهر أنه يريد الرحيل، ويشدَّ المالَ على الإبل ويُقْطرها ويسير متوجِّهًا من أَردبيل؛ كأنهُ يريد برْزَنْد؛ فإذا صارَ إلى مَسلحة النهر، أو سارَ شبيهًا بفرسخين، احتبسَ القطار حتى يجوزَ مَن صحب المال إلى بَرْزند فإذا جَازَت القافلةُ رجع بالمالِ إلى أردبيل. ففعل ذلكَ بُغا، وسارت القافلةُ حتى نزلت النهر، وانصرف جواسيس بابك إليهِ يعلمونه أنَّ المال قد حُمل، وعاينوه محمولًا حتى صارَ إلى النهر، ورجعَ بُغا بالمال إلى أردبيل، وركب الأفشينُ في اليوم الذي وعد فيه بُغا عند العصر من برزند، فوافى خشَّ مع غروب الشمس، فنزل معسكرًا خارج خندق أبي سعيد؛ فلما أصبح ركب في سرِّ، لم يضرب طبلًا ولا نَشرَ علمًا، وأمر أن يلفّ الأعلامُ، وأمر الناسَ بالسكوت، وجدَّ في السير، ورحلت القافلةُ التي كانت توجَّهت في ذلكَ اليوم من النهر إلى ناحية الهيثم الغنوي، ورحل الأفشين من خشّ يريد ناحية الهيثم ليصادفه في الطريق، ولم يعلم الهيثم [بمن كانَ معه]