للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كردوس، وجعلوا عيالاتهم وأولادهم في آخر كُردوس، وتقدّم المعتضد عسكره في خيل جربدة، فأوقع بهم، وقتل منهم، وغرق في الزّاب منهم خلق كثير، ثم خرج إلى الموْصِل عامدًا لقلعة ماردِين، وكانت في يد حمدان ابن حمدون، فلمّا بلغه مجيء المعتضد هرب وخلَّف ابنه بها، فنزل عسكر المعتضِد على القَلْعة، فحاربهم مَنْ كان فيها يومَهم ذلك؛ فلمّا كان من الغد ركب المعتضد، فصعد القلعة حتى وصل إلى الباب، ثم صاح: يا بن حمدون! فأجابه: لبيك! فقال له: افتح الباب، ويلك! ففتحه، فقعد المعتضد في الباب، وأمر مَنْ دخل فنقل ما في القلعة من المال والأثاث، ثم أمر بهدمها فهُدمَتْ، ثم وجّه خلْف حمدان بن حمدون، فطُلب أشدّ الطلب، وأخِذَت أموالٌ كانت له مودعة، وجيء بالمال إلى المعتضد، ثم ظُفر به، ثم مضى المعتضد إلى مدينة يقال لها: الحسنيّة، وفيها رجل يقال له: شدّاد في جيش كثيف، ذكر أنهم عشرة آلاف رجل، وكان له قلعة في المدينة فظفِر به المعتضد، فأخذه فهدم قلعته.

وفيها ورد الخبر من طريق مكة أنه أصاب الناس في المصعد برد شديد ومطر جَوْد وبرد أصيب فيه أكثر من خمسمئة إنسان.

وفي شوال منها غزا المسلمون الروم، فكانت بينهم الحرب اثني عشر يومًا، فظفِر المسلمون وغنموا غنيمة كثيرة وانصرفوا (١).

* * *

[ثم دخلت سنة ثنتين وثمانين ومئتين ذكر الأحداث التي كانت فيها]

[ذكر أمر النيروز المعتضديّ]

فمن ذلك ما كان من أمر المعتضد في المحرّم منها بإنشاء الكتب إلى جميع العمال في النواحي والأمصار بترك افتتاح الخراج في النيْروز الذي هو نيروز العجم، وتأخير ذلك إلى اليوم الحادي عشر من حزيران، وسمي ذلك النَّيروز المعتضدي، فأنشئت الكتب بذلك من الموْصِل والمعتضد بها، وورد كتابه


(١) انظر المنتظم (١٢/ ٣٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>