للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لنفسي وولدي إلا القوت، وما أريد فضلًا إلا لإخوتي فإن الضّيقة قد مسّتهم.

* * *

[ذكر الخبر عن قتل أحمد بن إسرائيل وأبي نوح] (١)

ولثلاث بقين من رمضان من هذه السنة قتِل أحمد بن إسرائيل وأبو نوح.

* ذكر الخبر عن صفة القِتْلة التي قتلا بها:

فأما السبب الذي أدّاهما إلى القتل؛ فقد ذكِرناه قبلُ، وأما القِتْلة التي قُتِلا بها، فإنه ذكر أن صالح بن وصيف لما استصفى أموالهما، ومال الحسن بن مخْلَد، وعذّبهم بالضرب والقَيْد وقرّب كوانين الفحم في شدّة الحرّ منهم، ومنعهم كلّ راحة، وهم في يده على حالهم، ونسبهم إلى أمور عظام من الخيانة، والقصد لذلّ السلطان والحِرْص على دوام الفتن والسعي في شقّ عصا المسلمين، فلم يعارضْه المهتدي في شيء من أمورهم، ولم يوافقه على شيء أنكره من فعلهْ بهم، ثمّ وجّه إليهم الحسن بن سيلمان الدوشابيّ في شهر رمضان، ليتولّى استخراج شيء إن كان زُوِيَ عنه من أموالهم.

قال: فأخرِج إليّ أحمد بن إسرائيل، فقلت له: يا فاجر، تظنّ أنّ الله يُمهلك، وأنّ أمير المؤمنين لا يستحِلّ قتلك؛ وأنت السببُ في الفتن، والشريك في الدماء مع عظيم الخيانة وفساد النية والطويّة! إنّ في أقلّ من هذا ما تستوجب به المُثْلة كما استوجب من كان قبلك، والقتل في العاجلة والعذاب والخزي في الآجلة، إن لم تسعدَ من الله بعفو، وإمهال، ومن إمامك بصفح واحتمال؛ فاستر نفسَك من نزول ما تستحقّ بالصدق عما عندك من المال؛ فإنك إن تفعل ويوقَف على صدقك تسلم بنفسك، قال: فذكر أنه لا شيء عنده، ولا تُرِك له إلى هذا الوقت مال ولا عُقْدة، قال: فدعوتُ بالمقارع وأمرت أن يقامَ في الشمس، وأرعدتُ وأبرقتُ وإن كان ليفوتني الظفر منه بشيء من صَرامة ورُجْلة حتى أومَى إلى قدر تسعة عشر ألف دينار؛ فأخذت رقعته بها.

قال: ثمّ أحضرت أبا نوح عيسى بن إبراهيم فقلت له مثل الذي قلت لأحمد أو


(١) لم يذكر ابن الجوزي هذا الخبر وإنما ذكره ابن كثير [البداية والنهاية ٨/ ٢٢٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>