نحوه، وزدت في ذلك بأن قلت: وأنت مع هذا مقيم على دينك النصرانية، مرتكب فروج المسلمات تشفِّيًا من الإسلام وأهله! ولا دلالة أدلّ على ذلك ممن لم يزل في منزلك على حالِ النصرانية من أهلٍ وولدٍ، ومَن كان ذا عَقْدهُ فقد أباح الله دمه.
قال: فلم يُجب إلى شيء، وأظهر ضعفًا وفقرًا.
قال: وأما الحسن بن مَخْلد فأخرجتُه؛ فلما خاطبته خاطبت رجلًا موضَّعًا رخوًا، قال: فبكَّتُّه بما ظهر منه، وقلت: مَنْ كان له الراضة بين يديه إذا سار على الشهاريّ وقدّر ما قدّرت، وأراد ما أردت، لم يكن موضَّعًا رطبًا ولا مخنَّثًا رخوًا، قال: ولم أزل به حتى كتب رقعة بجوهر قيمته نَيّف وثلاثون ألف دينار؛ قال: وردّوا جميعًا إلى موضعهم؛ وانصرفت. فكانت مناظرة الحسن بن سليمان الدوشابيّ لهم آخر مناظرة كانت معهم؛ ولم يناظروا أيام المهتدي فيما بلغني مناظرة غيرها.
فلما كان يوم الخميس لثلاث بقين من شهر رمضان أخرِج أحمد بن إسرائيل وأبو نوح عيسى بن إبراهيم إلى باب العامة، فقعد صالح بن وصيف في الدار، ووكّل بضربِهما حمّاد بن محمد بن حماد بن دَنْقَش، فأقام أحمد بن إسرائيل وابن دَنْقَش يقول: أوجع، وكان كلّ جلّاد يضربه سوطين ويتنحّى حتى وفّوْه خمسمئة سوط، ثم أقاموا أبا نوح أيضًا فضُرب خمسمئة سوط ضربَ التّلف، ثم حُمِلا على بغلين من بغال السّقائين على بطونهما، منكّسةً رؤوسهما، ظاهرة ظهورهما للناس، فأما أحمد فحين بلغ خشبةَ بابك مات، وحين وصلوا بأبي نوح مات؛ فدفن أحمد بين الحائطين، ويقال إن أبا نوح مات من يومه في حبس السرخسيّ خليفة طلمجور على شُرَط الخاصّة، وبقي الحسن بن مَخْلَد في الحبس.
وذُكِر عن بعض من حضر أنه قال: لقد رأيت حمّاد بن محمد بن حماد بن دَنقش وهو يقول للجلادين: أنفسَكم يا بني الفاعلة - لا يكني - ويقول: أوجعوا وغيّروا السياط، وبدّلوا الرّجال، وأحمد بن إسرائيل وعيسى يستغيثان؛ فذكر أن المهتدي لمّا بلغه ذلك قال: أمَا عقوبة إلا السوط أو القتل! أما يقوم مقام هذا شيء! أما يكفي! إنا لله وإنا إليه راجعون، يقول ذلك ويسترجع مرارًا.