للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإعياء، فلمَّا يئسوا منَّا ركب شبيب ثمّ قال لمن كان نزل من أصحابه: اركبوا، فلمَّا استَووا على متُون خُيولهم وجّه منصرفًا عنَّا (١). (٦/ ٢٧٧ - ٢٧٨).

قال أبو مخنف: حدّثني فروة بنُ لقيط، عن شبيب، قال: لما انصرفنا عنهم وبنا كآبة شديدة، وجراحة ظاهرة، قال لنا: ما أشدَّ هذا الَّذي بنا لو كنّا إنما نطلب الدنيا! وما أيسرَ هذا في ثواب الله! فقال أصحابُه: صدقت يا أمير المؤمنين، قال: فما أنسَى منه إقبالَه على سُويد بن سليم ولا مقالَته له: قتلتُ منهم أمس رجلين: أحدُهما أشجَع الناس، والآخر أجْبَن الناس، خرجتُ عشيَّة أمس طليعةً لكم فلقيتُ منهم ثلاثة نفر دخلوا قريةً يشترون منها حوائجَهم، فاشترى أحدُهم حاجتَه، ثمّ خرج قبل أصحابه وخرجتُ معه، فقال: كأنَّك لم تشترِ عَلَفًا، فقلت: إنّ لي رُفَقاءَ قد كَفوْني ذلك، فقلت له: أين تَرَى عدوَّنا هذا نزَل؟ قال: بلغني أنَّه قد نزل منَّا قريبًا، وايم الله لودِدْت أنَّي قد لقيتُ شبيبَهم هذا، قلت: فتحبّ ذلك؟ قال: نعم، قلت: فخذ حِذْرَك، فأنا والله شبيب، وانتضيْت سَيْفي، فخَرَّ والله مَيْتًا، فقلت له: ارتفِع وَيْحَك! وذهبتُ أنظُر فإذا هو قد مات، فانصرفتُ راجعًا، فأستقبِل الآخر خارجًا من القرية، فقال: أين تذهب هذه الساعة؟ وإنَّما يرجع الناس إلى عسكرهم! فلم أكلمه، ومضيتُ يقرِّب بي فرسي، وأتبعني حتَّى لَحِقني، فقطعت عليه فقلت له: ما لَك؟ فقال: أنتَ واللهِ من عَدوّنا؟ فقلتُ: أجل والله، فقال: والله لا تبرح حتَّى تَقْتلني أو أقتُلَك، فحمَلت عليه وحَمَل عليّ، فاضطربْنا بسيْفينا ساعة، فوالله ما فَضَلْتُه في شدّة نَفْس ولا إقدام إلا أن سيفي كان أقْطَع من سيفه، فقَتَلتُه، قال: فمضَينا حتَّى قطعنا دِجلة، ثم أخذْنا في أرض جُوخَى حتى قطعْنا دجلةَ مرّة أخرى من عند واسِط، ثم أخذنا إلى الأهواز ثمّ إلى فارس، ثم ارتفعْنا إلى كِرْمان (٢). (٦/ ٢٧٨ - ٢٧٩).

[ذكر الخبر عن مهلك شبيب]

وفي هذه السنة هلك شبيبٌ في قولِ هشامِ بن محمَّد، وفي قول غيرِه كان هلاكُه سنة ثمان وسبعين.


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.
(٢) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>