وقال خليفة: فحدثنا علي بن محمد عن عبد الله بن عمر الأنصاري عن هشام بن عروة عن أبيه: قال: خرج أبو بكر من المدينة للنصف من جمادى الآخرة (تأريخ خليفة بن خياط / ١٠١) وكذلك ذكر البلاذري في كتابه خروج أبي بكر رضي الله عنه إلى القصَّة من أرض محارب لتوجيه الزحوف إلى أهل الردة ومعه المسلمون.
(مقدمة في الردة بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبداية خلافة أبي بكر) قبل أن نناقش روايات الطبري في أحداث الردة والتي استغرقت ما يقرب من مئة صفحة، نود أن نذكر الحديث الصحيح عن الردة وموقف أبي بكر رضي الله عنه منها؛ إذ من المعلوم: أنه لما انتشر خبر وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ارتدت طوائف من العرب كثيرة، حتى أن ابن إسحاق حصر الذين لم يرتدوا بأهل المسجدين (المدينة ومكة) فعزم سيدنا أبو بكر لقتالهم وهداه الله للصواب في ذلك في أحرج مرحلة مرت بها جماعة الصحابة ودولة الخلافة بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وأراد بعض الصحابة في بداية الأمر أن يقنعوا أبا بكر بالعدول عن رأيه فقال أبو بكر الصديق قولته المشهورة: والله لو منعوني عقالًا أو عناقًا كانوا يؤدونها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم على منعها، فقال عمر: كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله فمن قالها عصم مني ماله ودمه إلا بحقها وحسابه على الله". فقال أبو بكر: (والله لأقاتلن من فرّق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال وقد قال: "إلا بحقها"، فقال عمر: فوالله ما هو إلَّا أن رأيت الله شرح صدر أبي بكر للقتال، فعرفت: أنه الحق). (صحيح البخاري، باب الاقتداء بسنن الرسول - صلى الله عليه وسلم -)، و (مسلم، باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله وغيرها). (٢) ذكر الطبري روايات ردة طليحة، ومن انضم إليه من القبائل متفرقًا بعض الشيء، وسنذكرها معًا وهي في الجزء الثالث من تأريخه (طبعة دار المعارف).