للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر ولاية خالد القسري على العراق]

وفي هذه السنة عزل هشام بن عبد الملك عمر بن هبيرة عن العراق وما كان إليه من عمل المشرق وولّى ذلك كله خالد بن عبد الله القسري في شوال.

ذكر عبد الرزاق أنّ حماد بن سعيد الصنعانيّ أخبره قال: أخبرني زياد بن عبيد الله. قال: أتيت الشّأم، فاقترضت؛ فبينا أنا يومًا على الباب -باب هشام - إذ خرج عليّ رجل من عند هشام، فقال لي: ممّن أنت يا فتى؟ قلت: يمانٍ، قال: فمن أنت؟ قلت: زياد بن عبيد الله بن عبد المَدان، قال: فتبسم، وقال: قم إلى ناحية العسكر فقل لأصحابي: ارتحلوا فإنّ أمير المؤمنين قد رضي عني، وأمرني بالمسير، ووكّل بي من يخرجني قال: قلت: مَنْ أنت يرحمك الله؟ قال: خالد بن عبد الله القسريّ، قال: ومُرْهم يا فتى أن يعطوك منديل ثيابي وبرذوني الأصفر. فلما جُزْت قليلًا ناداني، فقال: يا فتى، وإن سمعت بي قد وُلّيت العراق يومًا فالحق بي. قال: فذهبتُ إليهم، فقلت: إنّ الأمير قد أرسلني إليكم بأنّ أمير المؤمنين قد رضي عنه؛ وأمره بالمسير. فجعل هذا يحتضنني وهذا يقبِّل رأسي، فلما رأيتُ ذلك منهم، قلت: وقد أمرني أن تعطوني منديل ثيابه وبِرْذونه الأصفر، قالوا: إي والله وكرامةً، قال: فأعطوني منديل ثيابه وبرذونه الأصفر، فما أمسى بالعسكر أحد أجودَ ثيابًا منّي، ولا أجودَ مركبًا منّي. فلم ألبث إلا يسيرًا حتى قيل: قد وُلِّيَ خالد العراق، فركبني من ذلك همّ. فقال لي عريف لنا: ما لي أراك مهمومًا! قلت: أجل قد وُلّي خالد كذا وكذا، وقد أصبتُ ها هنا رُزَيقًا عشت به، وأخشى أن أذهب إليه فيتغيَّر عليَّ فيفوتني ها هنا وها هنا، فلست أدري كيف أصنع! فقال لي: هل لك في خصلة؟ قلت: وما هي؟ قال: توكّلني بأرزاقك وتخرج، فإن أصبتَ ما تحبّ فلي أرزاقك، وإلّا رجعتَ فدفعتها إليك، فقلت نعم.


= الذهبي "وبويع لخمس بقين من شعبان سنة خمس ومئة" ثم نقل الذهبي قول أبي أحمد الحاكم: استخلف وعمره أربع وثلاثون سنة" [تأريخ الإسلام المجلد السابق / ٢٨٢].
وقال ابن كثير: بويع له بالخلافة يوم الجمعة بعد موت أخيه لخمس بقين من شعبان من هذه السنة -أعني سنة خمس ومئة- وله من العمر أربع وثلاثون سنة وأشهر لأنه ولد لما قتل أبوه عبد الملك مصعب بن الزبير في سنة ثنتين وسبعين. [البداية والنهاية ٧/ ١٨٥].

<<  <  ج: ص:  >  >>