وذكر عليّ بن صالح الحربيّ أن عليّ بن عيسى لما قُتل، أرجف الناس ببغداد إرجافًا شديدًا، وندم محمد على ما كان من نَكثه وغدره. ومشى القوّاد بعضهم إلى بعض. وذلك يوم الخميس للنصف من شوال سنة خمس وتسعين ومائة، فقالوا: إن عليًّا قد قتِل، ولسنا نشكّ أن محمدًا يحتاج إلى الرجال واصطناع أصحاب الصنائع، وإنما يحرّك الرجال أنفسها، ويرفعها باسُها وإقدامُها، فليأمر كلُّ رجل منكم جندَه بالشَغْب وطلب الأرزاق والجوائز، فلعلّنا أن نصيب منه في هذه الحالة ما يصلحنا، ويصلح جندنا. فاتفق علي ذلك رأيهُم وأصبحوا، فتوافَوْا إلى باب الجسْر وكبّروا، فطلبوا الأرزاق والجوائز. وبلغ الخبر عبدَ الله بن خازم، فركب إليهم في أصحابه وفي جماعة غيره من قُوّاد الأعراب، فترامَوْا بالنُّشاب والحجارة، واقتتلوا قتالًا شديدًا، وسمع محمد التكبير والضجيج، فأرسل بعض مواليه أن يأتيَه بالخبر، فرجع إليه فأعلمه أنّ الجند قد اجتمعوا وشغبوا لطلب أرزاقهم. قال: فهل يطلبون شيئًا غير الأرزاق؟ قال: لا، قال: ما أهونَ ما طلبوا! ارجع إلى عبد الله بن خازم فمرْه فلينصرف عنهم، ثم أمر لهم بأرزاق أربعة أشهر، ورفع مَنْ كان دون الثمانين إلى الثمانين. وأمر للقوّاد والخواصَ بالصّلاة والجوائز.
[توجيه الأمين عبد الرحمن بن جبلة لحرب طاهر]
وفي هذه السنة وجّه محمد المخلوع عبدَ الرحمن بن جبلة الأبناويّ إلى همَذان لحرب طاهر.
* ذكر الخبر عن ذلك:
ذكر عبد الله بن صالح أنّ محمدًا لما انتهى إليه قتلُ عليّ بن عيسى بن ماهان، واستباحه طاهر عسكره، وجّه عبد الرحمن الأبناويّ في عشرين ألف رجل من الأبناء، وحمل معه الأموال، وقوّاه بالسلاح والخيل، وأجازه بجوائز، وولَاه
(١) عن الوقت الذي دعي للمأمون بالخلافة انظر تعليقنا على الخبر (٨/ ٣٩٤/ ٣٩) وقد قال خليفة ومنها أي (١٩٥ هـ) دعي للمأمون بالخلافة بخراسان (تاريخ خليفة/ ٣٠٩).