للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر أن عبد الله بن على بن عيسى طرَح نفسه في ذلك اليوم بين القتلى، وقد كانت به جراحات كثيرة، فلم يزل بين القتلى متشبِّهًا بهم يومه وليلته، حتى أمن الطلب، ثم قام فانضمّ إلى جماعة من فَلّ العسكر، ومضى إلى بغداد، وكان من أكابر ولده.

وذكر سفيان بن محمد أنّ عليًّا لمّا توجّه إلى خراسان بعث المأمون إلى من كان معه من القوّاد يعرض عليهم قتاله رجلًا رجلًا، فكلَهم يصرح بالهيبة، ويعتلّ بالعلل، ليجدوا إلى الإعفاء من لقائه ومحاربته سبيلًا.

وذكر بعض أهل خراسان أنّ المأمون لما أتاه كتاب طاهر، بخبر عليّ وما أوقع الله به، قعد للناس، فكانوا يدخلون فيهنّئونه ويدعون له بالعزّ والنصر. وإنه في ذلك اليوم أعلن خلع محمد، ودعِي له بالخلافة في جميع كُور خراسان وما يليها، وسُرّ أهل خراسان، وخطب بها الخطباء، وأنشدت الشعراء، وفي ذلك يقول شاعر من أهل خراسان:

أَصبحتِ الأمّة في غِبْطَةٍ ... من أَمرِ دنياها ومن دِينها

إذ حفظتْ عهدَ إمامِ الهدى ... خيرِ بني حوَّاء مأمونِها

على شَفًا كانت فلمّا وَفَتْ ... تخلصَتْ من سُوءِ تحيِيِنها

قامتْ بحق الله إذ زُبِرَتْ ... في وُلْدِهِ كتْبُ دَواوِينها

ألا تراها كيف بعَد الرَّدى ... وفقها اللهُ لِتَزيينها!


= واستوت الهزيمة بأصحابه.
فما زال أصحاب طاهر يقتلونهم، وهم مولّون حتى حال الليل بينهم، وغنموا ما كان في معسكرهم من السلاح والأموال.
[الأخبار الطوال/ ٣٩٧، ٣٩٨].
وقال أبو حنيفة الدينوري في موضع آخر وهو يصف توديع الأمين لجيشه الذاهب إلى خراسان!
فخرج بالجيوش، وركب معه محمد، فجعل يُوصيه، ويقول: أكرمْ مَن هناك من قواد خراسان، وضَع عن أهل خراسان نصف الخراج، ولا تُبق على أحد يشهِر عليك سيفًا، أو يرمي عسكرك بسهم، ولا تدع عبد الله يقيم إلا ثلاثًا من يوم تصل إليه، حتى تُشخصه إلى ما قبَلي) [الأخبار الطوال/ ٣٩٨].

<<  <  ج: ص:  >  >>