للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= نقول صدق مالك فالحكم الإسلامي لم يتحول في سنة ١٣٢ هـ من ملكي إلى جمهوري أو من ليبرالي إلى اشتراكي وما إلى ذلك وإنما بقي الحكم الإسلامي على هيئة الخلافة المعهودة بل على العكس مما يقول المستشرقون فإنها رجعت لتكون أقرب إلى صورة الخلافة في أيامها الأولى قبل قرن من ذلك اليوم والتعديل الذي نريد أن نجريه على عبارة مالك هي أن الأمة كلها وبقيادة أهل الحل والعقد (في ذلك الوقت) شاركت في ترسيخ مفهوم الحكم الإسلامي الذي وضع لبنته الأولى المباركة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم تجلت معالم الخلافة الإسلامية أيام الخلفاء الراشدين الخمسة ثم العادلين من بني أمية ... ونعني بأهل الحل والعقد هنا أمراء بني أمية وعلماء الأمة يومها سواء كانوا صحابة أو تابعين والذي يراجع أحداث ذلك القرن الفاضل يتبين له وبكل وضوح أن الأمة جمعاء قد شاركت في تسجيل ذلك التاريخ .. وقريبًا من هذا المعنى قال الأستاذ شاكر مصطفى (وبالرغم من أنها تحمل اسم العباسيين إلا أنها مرحلة متصلة الجذور والأعماق والتطورات بالمرحلة الأموية السابقة ولم تكن انعطافًا في ذلك التاريخ بقدر ما كانت تتمة واستمرارًا) [من كتاب دولة بني العباس ١/ ١٠]. ونحن نوافق الأستاذ شاكر في الشطر الأول من كلامه فالخلافة متصلة الجذور ... إلخ. ولكن لنا تعقيب على شطر كلامه الأخير ... صحيح أن الإدارة العباسية للخلافة لم تكن انعطافًا في ذلك التأريخ ولكنها كانت تجديدًا ثم استمرارًا في ذلك التاريخ.
١١ - وأخيرًا فإن الحق ما شهد به الأعداء كما يقولون ومن بين أعداء التأريخ الإسلامي كثير من المستشرقين الذين يصطادون في الماء العكر المتكون من روايات المتروكين والوضّاعين ومن هؤلاء أندريه مايكل الذي طفحت كتاباته بتزوير التاريخ الإسلامي ومع ذلك لم يتمالك نفسه في لحظة من اللحظات واعترف بعظمة التاريخ الإسلامي وأشاد بدور الأمويين فقال (لقد أقام الأمويون نظامًا من أقوى النظم التي عرفتها البشرية بأسرها وبفضلهم دخل الإسلام في ذروة العصور الوسطى ... وكان لهذا الحدث عواقب يصعب حسابها فلأول مرة تقع هاتان المنطقتان -من مصاب السند إلى إسبانيا- تحت سلطة واحدة وتندمج في مجال إقتصادي واحد وتنظمها ثقافة واحدة) من كتاب الإسلام وحضارته الباب الرابع / ٩٧ ولا نريد أن نكرر ما قد كتبناه متفرقًا ضمن حديثنا عن سيرة الخلفاء من بني أمية مخافة السآمة والملل.
وهكذا انتهينا من تأريخ الخلافة في عهد الأمويين (قسم الصحيح) والحمد لله. ويليه القسم المتبقي من تأريخ الطبري ابتداءً من (٧/ ٤٢١) وانتهاءًا بـ (١٠/ ١٥٢) أي ما يقرب من مجلدين ونصف ... وهو متعلق بتأريخ الخلافة في عهد العباسيين كما سجله الطبري ابتداءً من أحداث سنة ١٣٢ هـ وحتى سنة ٣٠٢ هـ حيث توقف الطبري عن كتابة هذا التأريخ.
* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>