للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= الصراع بدأ في نهاية عهد عمر بن عبد العزيز. وإن كنا نعتقد بأن هذا الصراع لم يظهر إلى السطح كعامل من العوامل المشتركة في إحداث التغيير إلا بعد وفاة الخليفة هشام رحمه الله.
٨ - كان الخليفة الأموي يستعين بفقهاء الأقاليم، أو علماء الأمصار ويأخذ برأيهم ويشجعهم على الكتابة إليه إذا سمعوا، أو شاهدوا ظلامة وتعسف من عامل، أو والٍ (ص ٣٧٢) وتوضيحًا للحقيقة التأريخية. أقول من السنن الحسنة التي أحدثت أيام معاوية كما أخرج المدائني (أنساب الأشراف ٤/ ١٣٦)، والطبري من طريق محمد بن إبراهيم عن أبيه قال: (كان عامل معاوية على المصر من الأمصار إذا أراد أن يكتب إلى معاوية نادى مناديه: من يكتب إلى أمير المؤمنين، فكتب زر بن حبيش كتابًا لطيفًا ورمى به في الكتب ... الخبر)، وأخرج أبو نعيم في حلية الأولياء (٤/ ١٨٤) عن الشعبي قال: كتب زر بن حبيش إلى عبد الملك بن مروان كتابًا يعظه ... الخبر). أي أن هذه السنة صارت دارجة من بعد معاوية رضي الله عنه. وخلاصة القول أن سيدنا معاوية رضي الله عنه أوصى ولاته أن يحثوا الناس على رفع شكاواهم إلى أمير المؤمنين كلما أرسل الوالي بريده إلى دار الخلافة وهذه درة من درر التأريخ الإسلامي.
٩ - ويقول الأستاذان ورغم أن معاوية بن أبي سفيان من سنة غير صحيحة إداريًا وهي (لا قود من العمال) حيث اشتكى عنده جماعة من أهل البصرة على عامله عبد الله بن عمرو لأنه قطع يد أصحابهم ظلمًا، فأجابهم معاوية: أما القود من عمالي فلا يصح ولا سبيل إلى ذلك ولكن إذا شئتم وديت صاحبكم) ولكن لم يتبع خلفاء بني أمية هذه البدعة الإدارية (عصر النبوة والخلافة / ص ٣٧٣). قلنا: صحيح أن خلفاء بني أمية لم يتبعوا هذه البدعة لأنها لم تصح عن معاوية سندًا ولا متنًا، وأصل الرواية عند الطبري في تأريخه (٥/ ٢٩٩ - ٣٠٠) وأخرجها الطبري عن الوليد بن هشام، والمدائني من قولها، وكلاهما لم يدرك تلك السنة بل ولد المدائنى بعد أكثر من ثمانين سنة من السنة التي ذكر الطبري فيها الحادثة (٥٥ هـ) الآنفة الذكر فأنّى للمدائني أن يتأكد من صحة هذا الخبر (هذا بالنسبة للإسناد)، أما المتن ففيه نكارة شديدة فكيف بسيدنا معاوية وهو من علماء الصحابة يخالف نصًّا صريحًا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - (والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها) ولقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلمته هذه على الملأ وشهرتها غنية عن التعريف بها، والحق يقال فإنّ رواية الطبري معضلة الإسناد، ومنكرة المتن، وهي من الروايات الملفقة من قبل المتروكين والوضاعين تلقفها المدائني رحمه الله، ثم سجلها الطبري، وفي تأريخه روايات كثيرة قال عنها في مقدمة تأريخه (مستشنعة) ولا أصل لها من الصحة. إلى هنا انتهى عرضنا لهذا الكتاب الجامعي وتعليقنا على ما ذكره الأستاذان.
١٠ - وإضافة أخرى هي التي أشار إليها الأستاذ مالك بن نبي مع بعض تعديل؛ فالأستاذ مالك يرى أن من حسنات الأمويين أنهم عملوا على تثبيت وترسيخ دعائم الحكم الإسلامي ونحن =

<<  <  ج: ص:  >  >>