للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= جعلت له طعمة بعد عطاء جندها والنفقة على مصلحتهم، وهذه بدعة غير صحيحة في الإدارة الإسلامية إذ لا يجوز التخلي عن حقوق بيت مال المسلمين / ص ٣٧١ /، قلنا: لا يصح ما ذكره المؤلفان عن هذه البدعة الملصقة بأمير المؤمنين معاوية والله أعلم، وما ورد في هذا المجال لا يصح سندًا ولا متنًا كما ذكرنا في أثناء التحقيق.
٥ - قال المؤلفان ومن المظاهر الجديدة في العهد الأموي الزيادة في مظاهر الأبهة والفخامة في موكب الأمير أو الوالي ويبدو أن أبا سفيان أول من بدأ بها، ولذلك قال له عمر بن الخطاب أكسرويه يا معاوية؟ ، قلنا هذا كلام فيه نظر ولو أكمل الأستاذان الرواية دون تركها مبتورة لكانت الصورة أوضح، فالإيضاح الذي ذكره سيدنا معاوية على استفسار أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه خير شاهد نستشهد به، وسنذكر معه تعليق ابن خلدون رحمه الله وهو إمام من أئمة التأريخ الإسلامي، قال العلامة المؤرخ ابن خلدون رحمه الله تعالى: (ولما لقي معاوية عمر رضي الله عنهما عند قدومه إلى الشام في أبهة الملك وزينة من العديد استنكر ذلك، وقال: أكسرويه يا معاوية؟ فقال: يا أمير المؤمنين أنا في ثغر تجاه العدو وبنا إلى مباهاتهم بزينة الحرب والجهاد حاجة، فسكت ولم يخطئه لما احتج عليه بمقصد من مقاصد الحق والدين، ... إلى أن يقول ابن خلدون: وأما عمر أراد بالكسروبة ما كان عليه أهل فارس في ملكهم من ارتكاب الباطل والظلم والبغي وسلوك سبله والغفلة عن الله وأجابه معاوية بأن القصد من ذلك ليس كسروية فارس وباطلهم وإنما قصده وجه الله فسكت (مقدمة ابن خلدون / ١٩٧).
قلنا: وفي عبارة معاوية رضي الله عنه (بزينة الحرب والجهاد) ما يدفع الظن المتبادر إلى الذهن من أن الأبهة التي ذكرت تعني أبهة كسرى وقيصر وأبهة الملوك من المشي على البسط والفخامة وما إلى ذلك من الأمور المعهودة، وإنما هي عدة الحرب والجهاد تخويفًا وترهيبًا لأعداء الله على حدود الخلافة. والله أعلم.
٦ - يقول المؤلفان: تميز العديد من عمال الأمويين وولاتهم بالدهاء، والشجاعة، والقدرة الإدارية والفصاحة والبلاغة في الخطبة، والكتابة، وبالسخاء، والكرم ... إلى أن يقولا: وترك الخليفة لأهل مصر حرية اختيار شخص يعينه ويشير عليه في الشريعة والقضاء، فاختاروا الليث بن سعد كما يشير إلى ذلك الكندي (ص ٣٧٢)، وهو كما قالا.
٧ - يقول المؤلفان كان الخليفة الأموي في اختياره لولاته وعماله يوازن بين التكتلات القبلية اليمنية والمضرية والربيعية موازنة دقيقة بحيث يرضي مختلف الأطراف، وقد نجح بعض الخلفاء الأمويّون مثل معاوية بن أبي سفيان، وعبد الملك بن مروان، وعمر بن عبد العزيز، وهشام بن عبد الملك، إلى حد كبير في حفظ التوازن بين تلك التكتلات وخاصة في الأقاليم الحساسة (ص ٣٧٢). قلنا: لم يكن لهذه الموازنة مبررًا في عهد سيدنا معاوية فلم يظهر صراع بين القيسية واليمانية إلا في نهاية العهد الأموي، ولعل بوادر ذلك =

<<  <  ج: ص:  >  >>