وفيها استَقْضَى عبدُ الملك أبا إدريس الخَوْلانيَّ - فيما ذكَر الواقديّ.
وفي هذه السنة شَخَص في قول بعضهم بِشر بنُ مروان من الكوفة إلى البَصْرة واليًا عليها.
[ذكر الخبر عن حرب المهلب للأزارقة]
* ذكر الخبر عن أمرِه وأمرِهم فيها:
ولمَّا صار بِشْر بالبصرة كتب عبدُ الملك إليه - فيما ذكر هشام عن أبي مِخنَف، عن يونسَ بن أبي إسحاق، عن أبيه:
أما بعد، فابعث المهلَّب في أهل مصر إلى الأزارقة، ولْينتخب من أهلِ مِصْره وجوههم وفُرسانهم وأولي الفَضْل والتجربة منهم، فانَّه أعرف بهم، وخَلّهِ ورأيه في الحرب، فإني أوثَقُ شيء بتجربته ونصيحتهِ للمسلمين. وابعثْ من أهل الكوفة بعْثًا كثِيفًا، وابعثْ عليهم رجلًا معروفًا شريفًا، حسيبًا صليبًا، يُعرَف بالبأس والنَّجْدة والتَّجربة للحَرْب، ثمّ أنهِضْ إليهم أهلَ المِصْرين فليتبعوهم أيَّ وجهٍ ما توجَّهوا حتَّى يُبيدَهم الله ويستأصلَهم، والسلام عليك.
فدعا بِشْرٌ المهلَّبَ فأقرأه الكتاب، وأمره أن ينتخب مَنْ شاء، فبعث بجُديع بن سَعيد بن قَبِيصة بن شراق الأزْدي - وهو خالُ يزيدَ ابنِه - فأمره أن يأتي الدّيوان فينتخب الناسَ، وشقّ على بشر أنّ إمرَة المهلَّب جاءتْ مِن قِبَل عبد الملك، فلا يستطيع أن يبعث غيره، فأوغرتْ صدرَه عليه حتَّى كأنَّه كان له إليه ذنب، ودعا بِشر بنُ مروانَ عبدَ الرحمن بنَ مِخنْفَ فبَعثه على أهل الكوفة، وأمره أن ينتخب فُرسانَ الناس ووجوهَهم وأولي الفَضْل منهم والنَّجدة (١)(٦/ ١٩٦).
قال أبو مخنَف: فحدّثني أشياخ الحيّ، عن عبد الرحمن بن مِخنَف قال: دعاني بِشر بنُ مروان فقال لي: إنَّك قد عرفتَ منزلتَك منّي، وأثَرَتك عندي، وقد رأيتُ أن أولِّيَك هذا الجيش للَّذي عرفتُ من جزئك وغنائك وشَرفِك وبأسِك، فكن عند أحسن ظني بك، انظرْ هذا الكذا كذا - يقع في المهلب - فاستبدّ عليه بالأمر، ولا تقبلنّ له مشورة ولا رأيًا، وتنقَّصْه وقَصِّر به.