قال مَسلمة بن محارب: فكان الأحنفُ بن قيس إذا ذكرهم قال: قبّح الله ابن خازم! قتل رجالًا من بني تميم بابنه، صبيّ وغْد أحمقَ لا يُساوِي عَلقًا، ولو قتل منهم رجلًا به لكان وفّى.
قال: وزعمت بنو عديّ أنهم لما أرادوا حمل زهير بن ذؤيب أبَى واعتمد على رُمْحه وجمع رجليه فوَثَب الخندق، فلمَّا بلغ الحَريشَ بن هلال قتلهم قال:
أَعَاذِلَ إِنّي لم أُلِمْ في قِتَالِهمْ ... وقد عضَّ سيفي كَبْشَهُمْ ثم صمّمَا
أعاذل ما ولَّيْتُ حتى تَبَدَّدَتْ ... رجالٌ وحتَّى لم أَجد مُتَقَدّمَا
أعاذل أفْنَاني السلاحُ ومن يُطِلْ ... مُقَارَعَةَ الأَبطالِ يرجعْ مكلّمَا
أعَيْنىَّ إن أَنْزَفْتُما الدمعَ فاسكُبَا ... دمًا لازمًا لي دون أن تسكُبا الدّمَا
أَبَعْدَ زهيرٍ وابنِ بشرٍ تَتَابعا ... ووردٍ أُرَجّي في خُراسانَ مَغْنَما
أعاذلَ كم من يومِ حربٍ شهِدتُه ... أَكُرُّ إذا ما فارسُ السَّوءِ أَحْجَمَا
يعني بقوله: "أبعْدَ زهير"، زهيرَ بن ذؤيب، وابن بشر، عثمان بن بشر المحتفز المازنيّ، وورد بن الفلق العنبريّ، قُتلوا يومئذ، وقتل سليمان بن المحتفز أخو بشر (١). (٦/ ٧٧ - ٨٠).
[شخوص إبراهيم بن الأشتر لحرب عبيد الله بن زياد]
وفي هذه السنة شَخَص إبرهيمُ بن الأشتر متوجِّهًا إلى عبيد الله بن زياد لحربه، وذلك لثمانٍ بقين من ذي الحِجَّة.
قال هشام بن محمَّد: حدّثني أبو مخنف: قال: حدّثني النَّضر بن صالح - وكان قد أدرك ذلك - قال: حدّثني فُضَيل بن خَدِيج - وكان قد شهد ذلك - وغيرهما. قالوا: ما هو إلّا أن فرغ المختار من أهل السَّبيع وأهل الكُناسة، فما نزل إبراهيم بن الأشتر إلّا يومين حتَّى أشخصه إلى الوجه الذي كان وجَّهه له لقتال أهل الشام، فخرج يوم السبت لثمان بقين من ذي الحجَّة سنة ستٍّ وستين، وأخرج المختارُ معه من وجوه أصحابه وفُرسانهم وذوي البصائر منهم: مِمَّن قد
(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.