قال أبو جعفر: وفي النصف من شهر رمضان من هذه السنة كان مَقدَم المختار بن أبي عُبَيد الكوفة.
[ذكر الخبر عن سبب مقدمه إليها]
قال هشام بن محمد الكلبيّ: قال أبو مخنف: قال النضر بن صالح: كانت الشيعة تَشتُم المختار وتُعتِبه لِما كان منه في أمر الحسن بن عليّ يوم طُعن في مُظلِم ساباط، فحُمل إلى أبيَض المدائن، حتى إذا كان زمنَ الحسين، وبعث الحسينُ مسلمَ بن عقيل إلى الكوفة، نزل دارَ المختار، وهي اليوم دارُ سَلْم بن المسيّب، فبايعه المختار بن أبي عُبيد فيمن بايعه من أهل الكوفة، وناصَحه ودعا إليه من أطاعه، حتى خرج ابن عقيل يوم خرج والمختار في قرية له بخُطَرْنِيَة تُدعَى لقفا، فجاءَه خبرُ ابن عقيل عند الظهر أنه قد ظهر بالكوفة، فلم يكن خروجُه يومَ خرج على ميعاد من أصحابه، إنما خرج حين قيل له: إنّ هانئ بن عروة المراديّ قد ضُرِبَ وحُبِس، فأقبل المختار في موالٍ له حتى انتهى إلى باب الفيل بعد الغروب، وقد عَقَد عبيد الله بن زياد لعمرو بن حُريث راية على جميع الناس، وأمره أن يقعد لهم في المسجد، فلما كان المختار واقفًا على باب الفيل مرّ به هانئ بن أبي حيّة الوادعيّ، فقال للمختار: ما وقوفُك ها هنا! لا أنت مع الناس، ولا أنت في رَحْلك؛ قال: أصبح رأيي مرتجًّا لعُظْم خطيئتكم؛ فقال له: أظنك والله قاتلًا نفسَك، ثمّ دخل على عمرو بن حُريث فأخبرَه بما قال للمختار وما ردّ عليه المختار (١). (٥/ ٥٦٩ - ٥٧٠).
قال أبو مخنف: فأخبَرَني النضر بن صالح، عن عبد الرحمن بن أبي عمير الثّقفيّ؛ قال: كنت جالسًا عند عمرو بن حريث حين بلّغه هانئ بن أبي حيّة عن المختار هذه المقالة، فقال لي: قم إلى ابن عمك فأخبره أن صاحبه لا يدري أين هو! فلا يجعلنَّ على نفسه سبيلًا، فقمت لآتيه، وثب إليه زائدة بن قدامة بن مسعود، قال له: يأتيك على أنه آمِن؟ فقال له عمرو بن حُرَيث: أمّا منِّي فهو