عنده ولا عندَك مُكافأةً، وما لك مَردٌّ إذا اخترتنَا، وما أدري كيف أتأتّى لك إن أخرَجتك نهارًا! إني أخاف ألَّا أصِلَ بك إلى قومي حتى تُقْتَلَ وأقتَلَ، ولكنّي أقيم معك حتى إذا وارى دَمْسٌ دَمْسًا وهَدَأت القدَمُ؛ ردفتَ خلفي لئلا تُعرف، ثمَّ أخذتك على أخوالي بني ناجِية، قال عبيد الله: نِعْمَ ما رأيت، فأقام حتى إذا قيل: أخوك أم الذئب؛ حمله خَلْفَه، وقد نَقل تلك الأموال فأحرزها، ثمّ انطلق به يمرّ به على الناس، وكانوا يتحارسون مخافة الحروريّة فيسأل عبيد الله أين نحن؟ فيخبره؛ فلما كانوا في بني سُليم قال عبيد الله: أين نحن؟ قال: في بني سُلَيم؛ قال: سلِمنا إن شاء الله، فلما أتى بني ناجية قال: أين نحن؟ قال: في بني ناجية؛ قال: نجوْنا إن شاء الله؛ فقال بنو ناجية: مَن أنتَ؟ قال: الحارث بن قيس؛ قالوا: ابن أختِكم؛ وعرف رجل منهم عبيدَ الله فقال: ابن مرجانة! فأرسل سهمًا فوقع في عمامته، ومضى به الحارث حتى ينزله دارَ نفسه في الجهاضم، ثمّ مضى إلى مسعود بن عمرو بن عديّ بن محارب بن صُنَيم بن مُليح بن شَرْطان بن مَعْن بن مالك بن فهم، فقالت الأزد ومحمد بن أبي عيينة: فلما رآه مسعود قال: يا حارِ، قد كان يُتعوّذ من سوء طوارق الليل، فنعوذ بالله من شرّ ما طرقتَنا به؛ قال الحارث: لم أطرقك إلا بخير، وقد علمتَ: أنّ قومك قد أنجَوا زيادًا فوفَوْا له، فصارت لهم مكرُمة في العرب يفتخرون بها عليهم، وقد بايَعْتَم عبيد الله بيعةَ الرضا؛ رِضًا عن مَشورَة، وبيعةً أخرى قد كانت في أعناقكم قبل البيعة - يعني: بيعةَ الجماعة - فقال له مسعود: يا حارِ، أترى لنا أن نعاديَ أهلَ مِصْرِنا في عبيد الله، وقد أبليْنا في أبيه ما أبلينا، ثمَّ لم نُكافأ عليه، ولم نُشكَر! ما كنتُ أحسب أن هذا من رأيك؛ قال الحارث: إنه لا يُعاديك أحد على الوَفاء ببيْعتك حتى تبلغَه مأمنَه (٥: ٥٠٨ - ٥١٠).
هروب عبيد الله بن زياد من البصرة متوجهًا إلى الشام بعد اضطراب الأمور في العراق سنة ٦٤ هـ بعد وفاة يزيد
قال وهب: فحدّثنا أبو بكر بن الفضل، عن قبيصة بن مروان: أنهم جعلوا يقولون: أين ترونه توجّه؟ فقالت عجوز من بني عقيل: أين ترونه توجّه! اندَحَسَ والله في أجَمَةِ أبيه.
وكانت وفاةُ يزيدَ حين جاءت ابن زياد وفي بيوت مال البصرة ستة عشر ألف