للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقولون: ظَنَّ ابن مرجانة أنا نوليه أمرَنا في الفرقة! قال: فأقام عبيد الله أميرًا غيرَ كثير حتى جعل سلطانه يضعف، ويأمرنا بالأمر فلا يقضى، ويرى الرأي فيُردّ عليه، ويأمر بحبس المخطئ فيُحال بين أعوانه وبينه. (٥: ٥٠٦ - ٥٠٧).

قال أبو عبيدة: فحدّثني غيرُ واحد، عن سَبْرة بن الجارود الهُذليّ، عن أبيه الجارُود، قال: وقال عبيدُ الله في خطبته: يا أهلَ البصرة! والله لقد لبسْنَا الخزّ واليُمنة والليّن من الثياب حتى لقد أجمَنا ذلك وأجمَتْه جلوُدنا، فما بِنَا إلى أن نُعقِبها الحديدَ! يا أهل البصرة! والله لو اجتمعتم على ذَنب عَيْر لتكسروه ما كَسرتُموه، قال الجارود: فوالله ما رُمي بجُمّاح حتى هَرب، فتَوارَى عند مسعود فلما قُتل مسعود لحق بالشام.

قال يونس: وكان في بيت مال عبيد الله يومَ خطب الناس قبل خروج سلمة ثمانية آلاف ألف أو أقلُّ - وقال عليّ بن محمَّد: تسعة عشر ألف ألف - فقال للناس: إنَّ هذا فيئكم، فخذوا أعطياتِكم وأرزاق ذراريّكم منه، وأمر الكَتَبَةَ بتحصيل الناس وتخريج الأسماء، واستعجل الكتَّاب في ذلك حتى وكَّل بهم من يحبسهم بالليل في الديوان، وأسرجوا بالشمع.

قال: فلما صنعوا وقعدوا عنه، وكان من خلاف سلمة عليه ما كان؛ كفّ عن ذلك، ونقلها حين هرب، فهي إلى اليوم تَردّدُ في آل زياد، فيكون فيهم العُرس أو المأتم فلا يُرى في قريش مثلهم، ولا في قريش أحسن منهم في الغَضارة والكسوة. فدعا عبيد الله رؤساءَ خاصّة السلطان، فأرادهم أن يقاتلوا معه، فقالوا: إنْ أمَرَنا قُوّادُنا قاتلْنا معك، فقال إخوةُ عبيد الله لعبيد الله: والله ما من خليفة فتقاتلَ عنه فإن هُزِمتَ فئتَ إليه وإن استمددتَه أمدّك، وقد علمتَ أَنّ الحرب دُوَل، فلا ندري لعلها تدول عليك، وقد اتّخذنا بين أظهر هؤلاء القوم أموالًا، فإن ظفروا أهلَكونا وأهلَكوها، فلم تَبقَ لك باقية. وقال له أخوه عبد الله لأبيه وأمّه مرجانة: والله لئن قاتلَ القوم لأعْتمِدنَّ على ظُبَة السيف حتى يخرج من صُلبي. فلما رأى ذلك عبيد الله أرسل إلى حارث بن قيس بن صُهْبان بن عون بن علاج بن مازن بن أسود بن جَهْضَم بن جذَيمة بن مالك بن فَهْم، فقال له: يا حارِ! إنَّ أبي كان أوصاني إن احْتجتُ إلى الهرب يومًا أن أختاركم، وإنّ نفسي تأبى غيركم، فقال الحارث: قد أبلَوْك في أبيك ما قد علِمت، وأبلَوْه فلم يجدوا

<<  <  ج: ص:  >  >>