وللدهر في أهل الفتى وتِلادِهِ ... نصيب كَحزِّ الجازِرِ المتشعِّب
وكقول زيادة بن زيد؛ وتمَثل به عبدُ الملك بن مروان:
تذكَّر عن شَحْطٍ أُميمةَ فارْعَوي ... لها بعد إكثارٍ وطُول نحيب
وإنَّ امرأَ قد جرّب الدهر لم يخَفْ ... تقلُّبَ عَصْرَيه لغيرُ لبيبِ
هل الدهرُ والأَيام إلَّا كما تَرَى ... رزيئةُ مالٍ أو فراقُ حبيبِ
وكلّ الذي يأتي فأنتَ نَسيبُهُ ... ولستَ لشيءٍ ذاهبٍ بنَسيبِ
وليس بعيدٌ ما يجيء كمقبِلٍ ... ولا ما مَضَى من مُفْرِح بقَريبِ
وكقول ابن مُقبِل:
لمَّا رأت بَدل الشَّبابِ بكتْ له ... والشَّيب أَرْذلُ هذه الأبدالِ
والناس همهُمُ الحياةُ ولا أرَى ... طول الحياة يَزيدُ غير خَبالِ
وإذا افتقرتَ إلى الذَّخائر لم تَجِدْ ... ذخرًا يكون كصالح الأَعمال
ووزر له يحيى بن خالد، ووَزَر للرشيد ابنه جعفر بن يحيى بن خالد، فمن مَلِيح كلامه: الخطّ سِمَة الحِكمة، به تفصَّل شُذورُها، ويُنظمَ منثورُها، قال ثمامة: قلتُ لجعفر بن يحيى: ما البيان؟ فقال: أن يكون الاسم محيطًا بمعناك، مُخبِرًا عن مَغْزاك، مُخرجًا من الشركة، غير مستعانٍ عليه بالفِكرة. قال الأصمعيّ: سمعتُ يحيى بنَ خالد يقول: الدنيا دُوَل، والمال عاريّة، ولنا بمن قَبلَنا أسْوة، وفينا لمن بعدنا عِبْرة.
ونأتي بتسمية باقي كُتَّاب خلفاء بني العباس إذا انتهينا إلى الدّولة العبّاسيّة إن شاء الله تعالى. [٦: ١٧٨ - ١٨٦].
[ثم دخلت سنة ثلاث وسبعين]
وفي هذه السنة عَزَل عبدُ الملك خالدَ بن عبد الله عن البَصرة وَوَلَّاها أخاه بِشْر بن مروان، فصارت ولايتُها وولايةُ الكوفة إليه، فشخص بِشر لمَّا وُلِّيَ مع الكوفة البصرة إِلى البصرة واستَخلف على الكوفة عمرو بنَ حريث. وفيها غزا محمَّد بن مروان الصائفة فهزم الرّوم (١). (٦/ ١٩٤).
(١) انظر تاريخ خليفة (٢٦٧).