للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طَلِّق الدنيا ثلاثًا ... واتَّخِذ زوْجًا سِواها

إنَّها زَوْجةُ سَوءٍ ... لا تُبالي مَنْ آتَاها

واستوزر بعدَه الفَيْض بن أبي صالح، وكان جوادًا.

وكتب للهادي موسى عُبيدُ الله بن زياد بن أبي ليلى ومحمَّد بن حُمَيد.

وسأل المهديّ يومًا أبا عُبيد الله عن أشعار العرب، فصنَّفها له، فقال: أحكمُها قول طَرفة بن العَبْد:

أرى قبر نحامٍ بخيلٍ بماله ... كقَبْرِ غَويٍّ في البَطالة مُفْسدِ

ترى جُثوتَيْنِ من تُرابٍ عليهما ... صفائحُ صُمٌّ من صفيحِ مصمَّدِ

أرَى الموتَ يعْتام الكرامَ ويَصطفِي ... عقيلةَ مالِ الفاحِش المتشدِّدِ

أَرَى العَيشَ كنزًا ناقصًا كلّ ليلة ... وما تَنقُص الأيام والدهر يَنفَدِ

لعمرُك إِنَّ الموتَ ما أخطأَ الفتى ... لكالطوَلِ المُرْخَى وثِنْياه باليَدِ

وقوله:

وقد أرانا كِلانا هَمَّ صاحبِه ... لو أن شيئًا إذا ما فاتَنا رَجعَا

وكان شيءٌ إلى شيءٍ ففرَّقَه ... دَهرٌ يكرُّ على تفريقِ ما جمَعا

وقول لبيد:

ألا تَسأَلانِ المرءَ ماذا يُحاولُ ... أنَحْبٌ فيُقضَى أم ضلالٌ وباطلُ

ألا كلُّ شيءٍ ما خلا الله باطلُ ... وكلُّ نعيمٍ لا محالةَ زائلُ

أَرَى الناسَ لا يدرون ما قدرُ أَمرِهمْ ... بلى كلُّ ذي رأيٍ إلى الله واسِلُ

وكقول النابغة الجَعْديّ:

وقد طال عهدي بالشّباب وأَهلِه ... ولاقيتُ رَوْعاتٍ تُشيبُ النَّواصيَا

فلم أَجِدِ الإِخوانَ إلَّا صحابةً ... ولم أَجِدِ الأَهلين إلَّا مثاويا

ألم تعْلمي أن قد رُزِئتُ مُحارِبًا ... فما لكِ منه اليوم شيءٌ ولا لِيا

وكقول هُدْبَة بن خَشْرَم:

ولستُ بِمفراحٍ إذا الدهرُ سرَّني ... ولا جازع من صَرفه المتقلِّبِ

ولا أَبتغي الشرَّ والشرُّ تاركي ... ولكن مَتَى أُحَملْ على الشَّرِّ أَركبِ

وما يَعرف الأَقوامُ للدَّهر حَقَّهُ ... وما الدّهُر مِما يكرهون بمُعتِبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>