للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّبيل قال: أخبرني رجلٌ قال: قَدِم شيخٌ أعرابيّ فرأي حُمرانَ فقال: من هذا؟ فقالوا: حُمْران؛ فقال: لقد رأيتُ هذا وقد مال رِداؤه عن عاتقِهِ فابتدره مروان وسعيدُ بن العاص أيّهما يسوّيه، قال أبو زيد: قال أبو عاصم: فحَدَّثتُ بذلك رجلًا من وَلَد عبد الله بن عامر، فقال: حدّثني أبي أنّ حُمْران مَدَّ رجلَه فابتدر معاوية وعبد الله بنَ عامر أيّهما يَغِمزها. (٦/ ١٦٥).

[خطبة عبد الله بن الزبير بعد مقتل مصعب]

وذكر أبو زيد عن أبي غَسَّان محمَّد بن يحيى، قال: حدثني مصعب بنُ عثمانَ، قال: لمَّا انتهى إلى عبد الله بن الزبير قتلُ مُصعب قام في الناس فقال: الحمد لله الَّذي له الخلق والأمر، يؤتي الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء، ويُعِزُّ من يشاء ويُذلّ من يشاء، ألا وإنَّه لم يُذْلل اللهُ من كان الحقّ معه وإن كان فردًا، ولم يُعزِزْ من كان وليَّه الشَّيطان وحِزْبُه وإن كان معه الأنام طُرًّا، ألا وإنَّه قد أتانا من العراق خبرٌ أحزننا وأفْرَحَنا، أتانا قتل مصعب رحمةُ الله عليه، فأما الَّذي أفرَحَنا فعلمُنا أنّ قتلَه له شهادة، وأمَّا الذي أحَزَننا فإنّ لفراق الحميم لوعة يَجِدها حميمُه عند المصيبة، ثم يَرْعَوِي مِنْ بَعدِها ذو الرِأي إلى جميل الصبر وكريمِ العَزَاء، ولئن أصِبت بمصعب لقد أصبت بالزبير قبله، وما أنا من عثمانَ بخِلْوِ مصيبة، وما مصعب إلّا عبدٌ من عَبيد الله وعَونٌ من أعواني، ألا إنّ أهل العراق أهل الغَدْر والنفاق، أسلَموه وباعُوه بأقلّ الثمن، فإنْ يُقتلْ فإنَّا والله ما نموت على مَضاجِعنا كما تموت بنو أبي العاص، والله ما قُتِل منهم رجلٌ في زَحْف في الجاهليَّة ولا الإسلام، وما نموت إلّا قَعْصًا بالرّماح، وموتًا تحت ظِلال السيوف، ألا إنَّما الدنيا عاريَّة من المَلِك الأعلى الَّذي لا يزول سلطانُه، ولا يَبِيدُ مُلكُه، فإن تُقبل لا آخذها أخذ الأشر البطر، وإن تُدْبر لا أبْك عليها بكاءَ الحَرِق المَهين؛ أقول قولي هذا وأستغفرُ اللهُ لي ولكم (١) (٦/ ١٦٦).

وذكر أنّ عبدَ الملك لمَّا قتل مصعبًا ودخل الكوفة أمرَ بطعام كثير فصُنِع وأمر به إلى الخَوَرْنَق، وأذِن إذنًا عامًّا، فدخل الناسُ فأخذوا مجالسهم، فدخل


(١) في إسناده مصعب بن عثمان مجهول وفي متنه نكارة.

<<  <  ج: ص:  >  >>