للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم جاءتْ كِنْدة فنظر إلى عبد الله بن إسحاقَ بن الأشعث، فأوصَى به بِشرًا أخاه، وقال: اجعَلْه في صَحابتِك، وأقبَل داودُ بنُ قَحْذَم في مئتين من بَكر بن وائل، عليهم الأقْبية الداوودّية، وبه سُمّيَتْ، فجلس مع عبد الملك على سريره، فأقبل عليه عبدُ الملك، ثمّ نهض ونهضوا معه، فأتبعهم عبدُ الملك بصره، فقال: هؤلاء الفُسَّاق، والله لولا أنّ صاحبهم جاءني ما أعطاني أحدٌ منهم طاعة.

ثمّ إنَّه ولَّى - فيما قيل - قَطَنَ بنَ عبد الله الحارثيّ الكوفةَ أربعين يومًا ثمّ عزله، وولَّى بِشْرَ بن مَرْوان وصَعِد مِنبرَ الكُوفة فخَطَب فقال:

إنَّ عبدَ الله بنَ الزبير لو كان خليفةً كما يزعم لخرج فآسى بنفسه، ولم يغرزْ ذَنبَه في الحرَم، ثم قال: إني قد استعملتُ عليكم بِشرَ بنَ مروان، وأمَرْته بالإحسان إلى أهل الطاعة، والشدّة على أهل المعصية، فاسمعوا له وأطيعوا.

واستعمل محمَّد بن عُمَير على هَمذان، ويزيدَ بنَ رُؤَيم على الرَّيّ، وفَرّق العُمَّالَ، ولم يف لأحد شرَط عليه ولايةَ أصبهَان؛ ثم قال: عليّ هؤلاء الفُسَّاق الَّذين أنْغَلُوا الشام، وأفسدوا العراق، فقيل: قد أجارهم رؤساءُ عشائِرهم، فقال: وهل يجير عليّ أحد! وكان عبدُ الله بن يزيد بن أسد لجأ إلى عليّ بن عبد الله بن عبَّاس، ولجأ إليه أيضًا يحيى بن مَعْيُوف الهمدانيّ، ولجأ الهذَيل بنُ زُفرَ بن الحارث وعمرو بن زيد الحَكَميّ إلى خالد بن يزيدَ بن معاوية، فآمَنهم عبدُ الملك، فَظهروا. (٦/ ١٦٤).

قال أبو جعفر: وفي هذه السنة تنازَع الرّياسة بالبصرة عُبيدُ الله بن أبي بكرة وحُمران بن أبان، فحدّثني عمرُ بنُ شبَّة قال: حدّثني عليّ بنُ محمَّد قال: لمّا قُتِل المُصعَب وثب حُمرانُ بن أبان وعُبيد الله بنُ أبي بَكْرة فتنازَعا في ولاية البَصرة، فقال ابن أبي بكرة: أنا أعظم غناءً منك، أنا كنت أنْفِق على أصحاب خالد يوم الجُفْرة، فقيل لحُمران: إنَّك لا تقوَى على ابن أبي بَكْرة، فاستَعِنْ بعبد الله بن الأهتم، فإنَّه إن أعانك لم يقْو عليك ابنُ أبي بَكْرة، ففعل، وغلب حُمْران على البَصْرة وابن الأهتمِ على شُرطها.

وكان لحُمْرَان منزلةٌ عند بني أميَّة؛ حدثني أبو زيد قال: حدّثني أبو عاصم

<<  <  ج: ص:  >  >>