اضطرابهم عليه، وأنه خائف على نفسه منهم، فقالت: ما عندي مال، وقد وردت لنا سفاتج؛ فلينتظروا حتى نقبض ونعطيَهم؛ فلما قُتل المعتزّ، أرسل صالح إلى رجل جوهريّ، قال الرجل: فدخلت إليه وعنده أحمد بن خاقان؛ فقال: ويحك! هو ذا ترى ما أنا فيه! وكان صالح قد أخافوه وطالبوه بالمال؛ ولم يكن عنده شيء، فقال في: قد بلغني أنّ لقبيحة خزانةً في موضع يرشدك إليه هذا الرجل - وإذا رجلٌ بين يديه - فامض ومعك أحمد بن خاقان؛ فإن أصبتم شيئًا فأثبته عندك، وسلِّمه إلى أحمد بن خاقان، وصِرْ إليّ معه، قال: فمضيت إلى الصُّفوف بحضرة المسجد الجامع؛ فجاء بنا ذلك الرَّجُل إلى دار صغيرة معمورة نظيفة؛ فدخلنا ففتشنا كلّ موضع فيها فلم نجد شيئًا، وجعل ذلك يغلُظ على أحمد بن خاقان، وهو يتهدّد الرجل ويتوعده، ويُغلقاله، وأخذ الرجل فأسًا ينقر به الحيطان يطلب موضعًا قَد سُتر فيه المال؛ فلم يزل كذلك حتى وقع الفأس على مكان في الحائط استدلّ بصوته على أن فيه شيئًا، فهدمه وإذا من ورائه باب، ففتحناه ودخلنا إليه؛ فأدّانا إلى سَرب، وصرنا إلى دار تحت الدار التي دخلناها على بنائها وقسمتها، فوجدنا من المال على رُفوف في أسفاط زهاء ألف ألف دينار، فأخذ أحمد منها ومَن كان معه قدر ثلثمئة ألف دينار، ووجدنا ثلاثة أسفاط: سَفَطًا فيه مقدار مكّوك زمرّد إلا أنه من الزّمرد الذي لم أر للمتوكل مثله ولا لغيره، وسفطًا دونه فيه نصف مكّوك حبّ حبّ كبار، لم أر والله للمتوكل ولا لغيره مثله، وسفطًا دونه فيه مقدار كيلجة ياقوت أحمر لم أر مثله، ولا ظننت أن مثله يكون في الدنيا؛ فقوّمت الجميع على البيع؛ فكانت قيمته ألفي ألف دينار، فحملناه كله إلى صالح؛ فلما رآه جعل لا يصدق ولا يوقنُ حتى أحضر بحضرته ووقف عليه، فقال عند ذلك: فعل الله بها وفعل؛ عرّضت ابنها للقتْل في مقدار خمسين ألف دينار، وعندها مثل هذا في خزانة واحدة من خزائنها!
وكانت أم محمد بن الواثق توفِّيت قبل أن يبايعَ؛ وكانت تحت المستعين؛ فلما قُتِل المستعين صيرها المعتزّ في قصر الرُّصافة الذي فيه الحرم، فلما ولي الخلافة المهتدي قال يومًا لجماعة من الموالي: أمّا أنا فليس في أمّ أحتاج لها إلى غلّة عشرة آلاف ألف في كل سنة لجواريها وخدمها والمتصلين بها؛ وما أريد