للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وترك الرّأي - وكان ضيّقًا لجوجًا - فاستحثّ رستم، فأعاد عليه رستم القول، وقال: أيَّها الملك! لقد اضطرني تضييع الرأي إلى إعظام نفسي وتزكيتها؛ ولو أجدُ من ذلك بدًّا لم أتكلَّمْ به، فأنشدك الله في نفسِك وأهلك ومُلْكك؛ دعني أقم بعسكري وأسرّح الجالنوس؛ فإن تكن لنا فذلك؛ وإلّا فأنا على رِجْل، وأبعث غيره، حتى إذا لم نجد بدًّا ولا حيلة؛ صَبَرْنا لهم؛ وقد وهَّنَّاهم وحسَّرناهم ونحن جامُّون. فأبى إلّا أن يسير (١). (٣: ٥٠٣/ ٥٠٤).

١٢٢ - كتب إليّ السريّ عن شعيب، عن سيف، عن النّضْر بن السريّ الضبيّ، عن ابن الرُّفيل، عن أبيه، قال: لمَّا نزل رستم بساباط، وجمع آلة الحرب وأدَاتها بعثَ على مقدّمته الجالنوس في أربعين ألفًا، وقال: ازحف زحفًا، ولا تنْجذب إلَّا بأمري؛ واستعملَ على ميمنته الهُرْمزان، وعلى ميسرته مِهْران بن بَهْرام الرازيّ، وعلى ساقته البيرزان، وقال رستم ليشجّع الملك: إن فتح الله علينا القوم، فهو وجْهنا إلى ملكهم في دارهم حتى نشغلهم في أصلهم وبلادهم، إلى أن يقبلوا المسالمة أو يرضوْا بما كانوا يرضوْن به. فلمّا قدمت وفود سعد على الملك، ورجعوا من عنده؛ رأى رستم فيما يرى النائم رؤيا فكرهها، وأحسّ بالشرّ، وكره لها الخروج ولقاء القوم، واختلف عليه رأيه واضطرب، وسأل الملك أن يُمضيَ الجالنوس، ويُقيم حتَّى ينظر ما يصنعون، وقال: إن غَناء الجالنوس كغَنائي، وإن كان اسمي أشدّ عليهم من اسمه، فإن ظفِر فهو الذي نريد، وإن تكن الأخرى وجهْتُ مثله، ودفعنا هؤلاء القوم إلى يوم ما؛ فإني لا أزال مرجوًّا في أهل فارس، ما لم أهزَم ينشَطون، ولا أزال مهيبًا في صدور العرب، ولا يزالون يهابون الإقدام ما لم أباشرهم؛ فإن باشرتهم اجترؤوا آخرَ دهرهم، وانكسر أهلُ فارس آخرَ دهرهم، فبعث مقدّمته أربعين ألفًا؛ وخرج في ستين ألفًا، وساقته في عشرين ألفًا (٢). (٣: ٥٠٤/ ٥٠٥).

١٢٣ - كتب إليَّ السريُّ عن شعيب، عن سيف، عن النَّضْر بن السّريّ، عن ابن الرُّفيل، عن أبيه، قال: كان الذي جرّأ يزدجِرد على إرسال رستم غلام جابان منجِّم كسرى، وكان من أهل فُرات بادَقلَى، فأرسل إليه فقال: ما ترى في مسير


(١) إسناده ضعيف وسنذكر ما ورد في القادسية عند غير الطبري بعد قليل.
(٢) إسناده ضعيف وسنتحدث عن قصة القادسية بعد سرد هذه الروايات.

<<  <  ج: ص:  >  >>