لقد ذكر الطبري روايات عدة في ذكر يوشع بن نون فتى موسى - عليه السلام - وجلّها مأخوذ من الإسرائيليات ونحن ذاكرون هنا ما صحّ سنده في خبر يوشع هذا علمًا أننا لم نجد نصًّا نبويًا صريحًا ينص على نبوته إلا أن ابن كثير ذكر أنه نبي وقال: اتفق أهل الكتاب على ذلك كما في قصص الأنبياء لابن كثير، ولم نجد كما ذكرنا نصًّا نبويًا يؤكد ذلك إلَّا أن مفهوم حديثين نبويين يحتملان ذلك: الأول: ما أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة مرفوعًا (ح ٨٣١٥) إن الشمس لم تحبس على بشرٍ إلا ليوشع ليالي سار إلى بيت المقدس، وقال الحافظ ابن كثير: انفرد به أحمد من هذا الوجه وهو على شرط البخاري (قصص الأنبياء / ٣٣١). وأخرجه الطحاوي كذلك (شرح مشكل الآثار ح ١٠٦٩). الثاني: ما أخرجه البخاري (كتاب فرض الخمس / ح ٣١٢٣) عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "غزا نبي من الأنبياء فقال لقومه: لا يتبعني رجل ملك بضع امرأة وهو يريد أن يبني بها ولما يبن بها, ولا أحد بني بيوتًا ولم يرفع سقوفها, ولا أحد اشترى غنمًا أو خلفات وهو ينتظر ولادها، فغزا، فدنا من القرية صلاة العصر أو قريبًا من ذلك فقال للشمس: إنك مأمورة وأنا مأمور، اللهم احبسها علينا، فحبست حتى فتح الله عليهم فجمع الغنائم ... الحديث وفي آخره: ثم أحلّ الله لنا الغنائم رأى ضعفنا وعجزنا فأحلها لنا". والحديث أخرجه مسلم (ح ١٧٤٧) وأحمد (ح ٨٢٣٨) وغير واحد، والله أعلم. قلنا: فإذا كانت الشمس لم تحبس إلا ليوشع بن نون كما في الحديث الأول وأن نبيًّا من الأنبياء خرج غازيًا فدعا فحبس الله الشمس له ولجيشه حتى فتحوا العصر، فالجمع بين الحديثين يشير إلى أن يوشع بن نون نبي، وهو الذي خرج غازيًا فحدث للشمس ما قدر الله لها من الحبس. وهذا استنباط وفهم للنصوص ولعله لا يكون كذلك والله أعلم. =