كتائبٌ لبني العباسِ قد عَرَفَت ... ما أَلَّفَ الفضلُ منها العجْمُ والعرَب
أَثبَتَّ خمسَ مئين في عِدادهم ... من الأُلوفِ التي أَحْصت لك الكتب
يُقارعون عن القومِ الذين هُمُ ... أَولى بأَحمَدَ في الفرقان إِن نُسِبوا
إِن الجوادَ ابن يحيى الفضلَ لا ورِقٌ ... يبقى على جُود كفَّيْهِ ولا ذهبُ
ما مرّ يوم له مُذ شد مِئزَرَهُ ... إِلّا تَمَوّلَ أَقوام بما يَهبُ
كم غايةٍ في الندى والبأْسِ أحرَزَها ... للطّالبينَ مدَاها دونها تَعَبُ
يعطِي اللُّهَى حِينَ لا يُعطِي الجَوادُ وَلا ... يَنْبو إِذا سُلَّتِ الْهِنْدِيَّةُ القُضُب
وَلا الرِّضا والرِّضَا لله غايَتُه ... إِلى سِوى الحَقِّ يَدْعوهُ وَلا الغَضَبُ
قَدْ فاضَ عُرْفُك حتى ما يُعادِلهُ ... غَيْثٌ مُغيث وَلا بَحرٌ له حَدَبُ
قال: وكان مرْوان بن أبي حفصة قد أنشد الفضلَ في معسكره قبل خروجه إلى خراسان:
أَلم تَرَ أَنَّ الجودَ مِنْ لدْن آدَمٍ ... تَحَدَّرَ حَتى صارَ في راحَةِ الفَضلِ
إِذا ما أَبو العَبّاسِ راحت سَماؤُه ... فيا لكَ مِنْ هَطْل ويَا لكَ مِنْ وَبْل
إِذا أمُّ طِفلٍ راعَها جوعُ طِفلِها ... دَعَتُهُ بإِسْمِ الفَضلِ فاستَعصمَ الطفل
ليحْيَا بِكَ الإِسلامُ إِنَّكَ عِزُّهُ ... وَإِنَّكَ مِن قَومٍ صغيرُهُمُ كهْلُ
وذكر محمد بن العباس أن الفضل بن يحيى أمر له بمائة ألف درهم، وكساه وحمله على بغلة. قال: وسمعته يقول: أصَبتُ في قَدْمَتي هذه سبعمائة ألف درهم. وفيه يقول:
تخَيَّرْتُ للمدْح ابنَ يحيى بْن خالدِ ... فحَسْبي وَلم أَظلِمْ بِأَنْ أَتَخيَّرا
له عادَةٌ أَنْ يَبْسُطَ العَدْلَ والنَّدَى ... لِمَن ساسَ من قحطانَ أَوْ مَنْ تَنَزّرا
إِلى المِنبَرِ الشرقيِّ سارَ وَلم يزَلْ ... له وَالدٌ يَعلو سَريرًا وَمِنبَرَا
يُعَدُّ ويَحيى البَرْمكيّ وَلا يُرَى ... لَدَى الدَّهْرِ إِلا قائدًا أَو مُومَّرا
ومدحه سلْم الخاسر، فقال:
وَكَيفَ تخافُ مِن بؤسٍ بدارٍ ... تَكَنَّفَها البَرامكَةُ البُحُورُ
وقَوْمٌ مِنهُمُ الفَضلُ بْنُ يحيى ... نَفيرٌ مَا يُوازنُهُ نَفيرُ
لهُ يومانِ: يَوْم ندىً وبأْسٍ ... كأَنَّ الدَّهْرَ بَينَهُما أَسيرُ
إِذا ما البَرْمَكِيُّ غدَا ابنَ عَشرٍ ... فَهِمَّتُهُ وَزيرٌ أَوْ أَميرُ