منه، ثم ارتحل إلى مكّة وحملها معه، فلما أثقلتْ ردّها إلى أهلها، ومضى إلى الشأم فمات بها بغزّة، فولدت له سلمى عبدَ المطّلب، فمكث بيثرب سبع سنين، أو ثماني سنين. ثم إن رجلًا من بني الحارث بن عبد مناة مَرّ بيثرب، فإذا غلمان ينتضلون، فجعل شيبة إذا خَسَق قال: أنا ابن هاشم، أنا ابن سيّد البطحاء، فقال له الحارثيّ: مَنْ أنت؟ قال: أنا شيبة بن هاشم بن عبد مناف. فلما أتى الحارثيّ مكّة، قال للمطّلب وهو جالس في الحِجْر: يا أبا الحارث! تعلّم أنّي وجدت غلمانًا ينتضِلون بيثرب، وفيهم غلام إذا خَسَق قال: أنا ابن هاشم، أنا ابن سيّد البطحاء. فقال المطّلب: والله لا أرجع إلى أهلي حتى آتيَ به، فقال له الحارثيّ: هذه ناقتي بالفِناء فاركبها، فجلس المطّلب عليها، فورد يثرب عِشاء، حتى أتى عديّ بن النجار، فإذا غلمان يضربون كُرة بين ظهري مجلس، فعرف ابنَ أخيه فقال للقوم: أهذا ابن هاشم؟ قالوا: نعم، هذا ابن أخيك، فإن كنتَ تريد أخذه فالساعة قبل أن تعلَم به أمّه، فإنها إن علمت؛ لم تدعْه، وحلْنا بينك وبينه. فدعاه، فقال: يا بن أخي! أنا عَمّك، وقد أردتُ الذهاب بك إلى قومك - وأناخ راحلته - فما كذّب أن جلس على عَجُز الناقة، فانطلق به، ولم تعلمْ به أمُّهُ حتى كان الليلُ، فقامت تدعو بحَربها على ابنها، فأُخبرت أن عمّه ذهب به، وقدِم به المطّلب ضحوة، والناس في مجالسهم، فجعلوا يقولون: من هذا وراءك؟ فيقول: عبد لي، حتى أدخله منزله على امرأته خديجة بنت سعيد بن سهم، فقالت: مَنْ هذا؟ قال: عبد لي، ثم خرج المطّلب حتى أتى الحزْوَرة، فاشترى حُلة فألبَسها شيبة، ثم خرج به حين كان العَشيّ إلى مجلس بني عبد مناف، فجعل بعد ذلك يطوف في سِكك مكّة في تلك الحُلّة، فيقال: هذا عبد المطّلب، لقوله:"هذا عبدي" حين سأله قومه، فقال المطّلِب:
٨٦٥ - وقد حدَّثني هذا الحديث عليّ بن حرب الموصليّ، قال: حدّثني أبو معن عيسى - من ولد كعب بن مالك - عن محمد بن أبي بكر الأنصاريّ، عن مشايخ الأنصار، قالوا: تزوّج هاشم بن عبد مناف امرأةً من بني عديّ بن