مُرَيًّا، فدعاه للجِوار، فقال: نعم، فأجاره، وأقام عليه، وقال: أىّ البلدان أحبّ إليك؟ قال: دمَشق، فخرج به في رَكب من بني حُرْقوص حتى بلغوا به دمشق، وقال حارثةُ بن بدر- وكان مع عائشة، وأصيب في الوقعة ابنه، أو أخوه زراع:
أتاني من الأنباءِ أنَّ ابْنَ عامِرٍ ... أناخَ وألْقى في دِمَشْقَ المَراسيَا
وأوَى مَرْوان بن الحَكم إلى أهل بيت من عنَزة يومَ الهزيمة، فقال لهم: أعلِموا مالكَ بنَ مِسمع بمكاني، فأتَوْا مالكًا، فأخبروه بمكانه، فقال لأخيه مقاتل: كيف نصنع بهذا الرجل الذي قد بعث إلينا يُعلِمنا بمكانه؟ قال: ابعث ابن أخي فأجِرْه، والتمسوا له الأمان من عليّ، فإن آمَنه؛ فذاك الذي نحبّ، وإن لم يؤمنه؛ خرجْنا به وبأسيافنا، فإن عرض له؛ جالَدْنا دونَه بأسيافنا، فإمّا أن نسلم، وإمّا أن نَهلك كرامًا، وقد استشار غيره من أهله من قَبْل في الذي استشار فيه مقاتلًا، فنهاه، فأخذ برأي أخيه، وترك رأيهم، فأرسل إليه، فأنزله داره، وعزم على منعه إن اضطر إلى ذلك، وقال: الموت دون الجوار وفاءٌ، وحفظ لهم بنو مَروان ذلك بعد، وانتفعوا به عندهم، وشرّفوهم بذلك، وأوى عبد الله بن الزبير إلى دار رجل من الأزْد يُدعَى وزيرًا، وقال: ائتِ أمَّ المؤمنين، فأعلمْها بمكاني، وإيّاك أن يطّلع على هذا محمد بن أبي بكر، فأتَى عائشةَ رضي الله عنها، فأخبَرَها، فقالت: عليَّ بمحمد، فقال: يا أمّ المؤمنين! إنه قد نهاني أن يعلم به محمد، فأرسلت إليه فقالت: اذهب مع هذا الرجل حتى تجيئَني بابن أختك؛ فانطَلَق معه فدخل بالأزديّ على ابن الزبير، قال: جئتك والله بما كرهتَ، وأبتْ أمّ المؤمنين إلّا ذلك، فخرج عبدُ الله، ومحمد وهما يتشاتمان، فذكر محمد عثمان، فشَتمَه، وشتم عبد الله محمدًا حتى انتهى إلى عائشة في دار عبد الله بن خلف -وكان عبد الله بن خلف قبل يوم الجمل مع عائشة، وقُتل عثمانُ أخوه مع عليّ- وأرسلت عائشةُ في طلب من كان جريحًا فضمّت منهم ناسًا، وضمّت مرْوان فيمن ضَمّت، فكانوا في بيوت الدار (١). (٤: ٥٣٥/ ٥٣٦/ ٥٣٧).
١٠٣٩ - كتب إليّ السرىّ، عن شعيب، عن سيف، عن محمد وطلحة،