للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زَحْر، وقال يزيد للرجل الذي ندَب الناسَ معه: متَى تَصلُ إليهم؟ قال: غدًا عند العَصْر فيما بين الصّلاتين، قال: امضُوا على بركة الله؛ فإني سأجهَد على مناهضتهم غدًا عند صلاة الظهر، فساروا، فلما قارب انتصاف النهار من غدٍ أمَر يزيدُ الناس أن يُشعِلوا النارَ في حَطَب كان جمعَه في حِصارِه إياهم، فصيّره آكامًا، فأضرَموه نارًا؛ فلم تَزُل الشمس حتى صارَ حولَ عسكره أمثال الجبال، من النيران، ونَظَر العدوّ إلى النار، فهالَهم ما رأوا من كَثْرتها، فخرجوا إليهم، وأمَرَ يزيدُ الناسُ حين زالت الشمس فصلّوْا، فجمعوا بين الصّلاتين، ثمّ زحَفوا إليهم فاقتَتَلوا وسار الآخرون بقيّةَ يومهم والغد، فهَجَموا على عسكر الترك قُبَيْل العَصْر، وهم آمِنون من ذلك الوجه، ويزيدُ يُقاتِل من هذا الوجه، فما شَعروا إلَّا بالتكبير من ورائهم، فانقطَعوا جميعًا إلى حِصْنهم، ورَكِبهُم المسلمون، فأعطَوْا بِأيديهم، ونَزَلوا على حُكْم يزيدَ، فسبي ذراريَّهم، وقتّل مقاتِلتَهم، وصلبهم فرْسَخين عن يمين الطريق ويسارِه، وقاد منهم اثني عشرَ ألفًا إلى الأندرهز - وادي جرْجان - وقال: مَنْ طلبهم بثأر فليقتُل، فكان الرجلُ من المسلمين يَقتلُ الأربعة والخمسَة في الوادي، وأجرِي الماء في الوادي على الدّم، وعليه أرحاء ليطحَن بدمائهم، ولتبرّ يمينُه، فطَحَن واختَبَز وأكَل وبَنَى مدينةَ جُرْجان، وقال بعضهم: قَتَل يزيدُ من أهل جُرجان أربعين ألفًا، ولم تكن قبلَ ذلك مدينة ورَجع إلى خُراسان واستعمَل على جُرجانَ جَهْم بن زَحْر الجعفيّ (١). (٦/ ٥٤٣).

وأمّا هشام بنُ محمد فإنه ذكَر عن أبي مخنَف أنه قال: دعا يزيد جهمَ بن زَحْر فبعث معه أربعمئة رجل حتى أخذوا في المكان الذي دُلّوا عليه وقد أمَرَهم يزيدُ فقال: إذا وصَلْتم إلى المدينة فانتَظِروا، حتى إذا كان في السَّحر فكَبِّروا، ثم انطلِقوا نحوَ باب المدينة، فإنكم تجدوني وقد نهضت بجميع الناس إلى بابها؛ فلما دخل ابن زَحْر المدينةَ أمهل حتى إذا كانت الساعةُ التي أمره يزيدُ أن يَنهضَ


(١) فيه نكارة، إضافة إلى وجود مجاهيل في إسناد هذه الرواية فإنه لحكمة ما لم يعتد أئمة الحديث برواية الرجل الذي لم يوثقه سوى ابن حبان ولولا أن العلماء تساهلوا في رواية التاريخ لما ذكرنا رواية هؤلاء في قسم الصحيح، ومع ذلك فإننا قد ضربنا بعرض الحائط كل رواية من طريق رواة هذا إذا كان لهم في المتن نكارة، وأية نكارة أشد من هذا الذي ذكره الطبري هنا عن شيوخ المدائني؟ ! فكيف يختبز المسلمون عن دماء سفحت والدم المسفوح حرام؟

<<  <  ج: ص:  >  >>