للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من طعام ولا شَراب. وأقبل يزيدُ حتى نَزل عليها وهم متحصِّنون فيها، وحولها غياض فليس يُعرف لها إلَّا طريق واحد، فأقام بذلك سبعة أشهر لا يَقدر منهم على شيء، ولا يَعرِف لهم مَأتى إلَّا مِن وجه واحد، فكانوا يخرجون في الأيام فيقاتلونة ويرجعون إلى حِصْنهم، فَبيْناهُم على ذلك إذْ خرج رجلٌ من عَجم خُراسانَ كان مع يزيد يتصّيدُ ومعه شاكريّةٌ له. (٦/ ٥٤١ - ٥٤٢).

وقال هشام بن محمد، عن أبي مخنف: فخَرَج رجل من عسكره من طيّئ يتصيّد، فأبصَر وَعلًا يَرقى في الجَبَل، فاتّبعه، وقال لمن معه: قفوا مَكانكم، ووقَل في الجَبَل، يقتصّ الأثر، فما شَعر بشيء حتى هَجَم على عسكرهم، فرجع يريد أصحابه، فخاف ألَّا يهتديَ، فجعل يُخرّق قبَاءه ويَعقد على الشجر علامات حتى وَصَل إلى أصحابه، ثم رجع إلى العسكر. ويقال: إنّ الذي كان يتصيد الهيّاج بن عبد الرحمن الأزديّ من أهل طُوس، وكانَ منْهومًا بالصيّد، فلما رجع إلى العسكر أتى عامر بن أينم الواشجيّ صاحب شرْطة يَزيد، فمَنعوه من الدّخول، فصاح: إنّ عندي نَصيحة (١). (٦/ ٥٤٢).

وقال هِشام عن أبي مخنف: جاء حتى رَفعَ ذلك إلى ابني زَحْر بن قيس، فانطلق به ابنا زَحْر حتى أدخلاه على يرْيد، فأعلمَه، فضَمن له بضمان الجُهنيّة - أمّ ولد كانت ليزيد - على شيء قد سمّاه (٢) (٦/ ٥٤٢).

وقال عليّ بن محمد في حديثه عن أصحابه: فدعا به يزيد فقال: ما عندَك؟ قال: أتريد أن تدخل وجاه بغير قتال؟ قال: نعم، قال: جعَالتي؟ قال: احتَكمْ، قال: أربعة آلاف؛ قال: لك دِيَة، قال: عَجِّلوا لي أربعة آلاف، ثم أنتم بعدُ من وراء الإحسان. فأمَر له بأربعة آلاف، ونَدَب الناس، فانتدب ألف وأربعمئة، فقال: الطريق لا يَحمِل هذه الجماعة لالتفاف الغياض، فاختار منهم ثلاثمئة، فوجّههم، واستعمل عليهم جَهْم بن زَحْر. (٦/ ٥٤٢).

وقال بعضهم: استعملَ عليهم ابنه خالد بن يزيد، وقال له: إن غُلبتَ على الحياة فلا تُغلَبنَّ على الموت، وإياك أن أراكَ عندي منهزِمًا، وضمّ إليه جَهْم بن


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.
(٢) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>