أعلم-: أنّ الله عزَّ وجلَّ أوحى إلى برخيا بن أحنيا بن زربابل بن شلتيل من ولد يهوذا - قال هشام: قال الشرقيّ: وشلتيل أوَّل من اتخذ الطفشيل - أن ائت بختنصَّر وأمره أن يغزُوَ العرب الذين لا أغلاق لبيوتهم ولا أبواب، ويطأ بلادهم بالجنود، فيقتُل مقاتلتهم، ويستبيح أموالهم، وأعلِمْه كفرَهم بي، واتخاذهم الآلهة دوني، وتكذيبهم أنبيائي ورسلي.
قال: فأقبل برخيا من نَجْران حتى قدم على بختنصَّر ببابل - وهو "نبوخذ نصر" فعرّبته العرب - وأخبرَه بما أوحى الله إليه، وقصّ عليه ما أمره به؛ وذلك في زمان مَعَدّ بن عدنان. قال: فوثب بختنصّر على مَنْ كان في بلاده من تجار العرب، وكانوا يقدُمون عليهم بالتجارات والبِياعات، ويمتارون من عندهم الحبَّ، والتمر، والثياب، وغيرها.
فجمع مَنْ ظفر به منهم، فبنى لهم حَيرًا على النَّجَف وحصَّنه، ثم ضمَّهم فيه ووكَّل بهم حرسًا وحفَظة، ثم نادى في الناس بالغزو، فتأهَّبوا لذلك وانتشر الخبر فيمن يليهم من العرب، فخرجت إليه طوائف منهم مسالمين مستأمنين، فاستشار بختنصّر فيهم برخيا، فقال: إن خروجَهم إليك من بلادهم قبل نهوضك إليهم رجوع منهم عمّا كانوا عليه، فاقبلْ منهم، فأحسنْ إليهم.
قال: فأنزلهم بختنصَّر السواد على شاطئ الفرات، فابتنوْا موضع عسكرهم بعد، فسمَّوْه الأنبار. قال: وخلَّى عن أهل الحَير، فاتَّخذوها منزلًا حياة بختنصّر، فلما مات انضموا إلى أهل الأنبار، وبقيَ ذلك الحَير خرابًا (١). (١: ٥٥٨/ ٥٥٩).
٧٧٧ - وأما غير هشام من أهل العلم بأخبار الماضين فإنه ذكر: أن معدّ بن عدنان لما ولِد؛ ابتدأت بنو إسرائيل بأنبيائهم فقتلوهم، فكان آخر من قتلوا يحيى بن زكرياء، وعدا أهلُ الرّسّ على نبيهم فقتلوه، وعدا أهل حضور على نبيّهم فقتلوه، فلما اجترؤوا على أنبياء الله أذن الله في فناء ذلك القرن الذين معدّ بن عبدنان من أنبيائهم، فبعث الله بختنصّر علي بني إسرائيل، فلما فرغ من إخراب المسجد الأقصى والمدائن وانتسف بني إسرائيل نسفًا، فأوردهم أرض بابل أرِيَ فيما يرى النائم -أو أمِر بعض الأنبياء أن يأمره- أن يدخل بلاد العرب فلا