فيهم بكِتاب الله وأمرِه، حتى قبضه الله إليه - صلى الله عليه وسلم -، واستخلف الناس أبا بكر، واستخلف أبو بكر عُمَر، فكلاهما عمل بالكتاب وسنّة رسول الله، فالحمد لله ربّ العالمين، ثمّ إنَّ الناس استخلفوا عثمانَ بنَ عفان، فحمى الأحماءَ، وآثر القُربَى، واستعمل الفتى ورفع الدِّرّة، ووضع السَّوْط، ومزّق الكتاب، وحقّر المسلم، وضرب مُنْكِري الجوْر، وآوى طريدَ الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وضرب السابقين بالفضل، وسَيَّرهم وحَرَمهم، ثمَّ أخذ فيءَ الله الذي أفاءه عليهم فقسَمه بين فُسّاقِ قريش، ومُجّان العرب، فسارت إليه طائفةٌ من المسلمين أخذ الله ميثاقَهم على طاعته، لا يُبالون في الله لومةَ لائم، فقتلوه، فنحن لهم أولياءُ، ومن ابن عفان وأوليائه بُرآء، فما تقول أنت يا بن الزبير؟ ! قال: فحَمِد الله ابنُ الزبير وأثنى عليه تْمّ قال: أما بعد، فقد فهمتُ الذي ذكرتَ، وذكرتَ به النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فهو كما قلت - صلى الله عليه وسلم - وفوق ما وصفته، وفهمت ما ذكرت به أبا بكر وعمر، وقد وُفِّقت وأصبت، وقد فهمتُ الذي ذكرتَ به عثمان بن عفان رحمة الله عليه، وإني لا أعلم مكانَ أحد من خلق الله اليوم أعلمَ بابن عفان وأمره منّي، كنت معه حيث نقم القوم عليه، واستعتبوه فلم يَدعْ شيئًا استعتَبَهُ القوم فيه إلا أعتبهم منه، ثمَّ إنهم رجعوا إليه بكتاب له يزعمون: أنَّه كتبه فيهم، يأمر فيه بقتلهم فقال لهم: ما كتبتُه، فإن شئتم فهاتوا بيّنتَكم؛ فإن لم تكن حلفتُ لكم؛ فوالله ماجاؤوه ببيّنة، ولا استحلفوه، ووثبوا عليه فقتلوه، وقد سمعت ما عبتَه به، فليس كذلك، بل هو لكل خيرٍ أهل، وأنا أشهِدكم ومن حضر أني وليٌّ لابن عفّان في الدنيا والآخرة، وولّي أوليائه، وعدوّ أعدائه، قالوا: فبرئ اللهُ منك يا عدوّ الله! قال: فبرئ الله منكم يا أعداءَ الله!
وتفرّق القوم، فأقبل نافع بن الأزرق الحنظلّي، وعبد الله بن صَفّار السعديّ من بني صَرِيم بن مقاعس، وعبد الله بن إباض أيضًا من بني صريم، وحنظلة بن بَيْهس، وبنو الماحوز: عبد الله، وعبيد الله، والزبير، من بني سَلِيط بن يربوع، حتى أتوا البصرة، وانطلق أبو طالوتَ من بني زمَّان بن مالك بن صعب بن علّي بن مالك بن بكر بن وائل وعبد الله بن ثور أبو فُدَيْك من بني قيس بن ثعلبة وعطيّة بن الأسود اليشكريّ إلى اليمامة، فوثبوا باليمامة مع أبي طالوت، ثمّ أجمعوا بعد ذلك على نجدة ابن عامر الحنفيّ، فأما البصريّون منهم فإنهم قَدِموا