تثأرون بدمه، قد جاءكم فاستقبلوه بحدكم وشوكتكم، واجعلوها به، ولا تجعلوها بأنفسكم؛ إني لم آلُكُم نصحًا، جمع الله لنا كلمتَنا، وأصلح لنا أئمّتنا!
قال: فقال إبراهيم بن محمد بن طلحة: أيُّها الناس، لا يغرّنَّكم لمن السيف والغشم مقالةُ هذا المُداهنِ الموادِع؛ والله لئن خرج علينا خارج لنقتلنّه، ولئن استقينا أن قومًا يريدون الخروجَ علينا لنأخذنّ الوالد بولده، والمولودَ بوالده، ولنأخذنّ الحميم بالحميم، والعريف بما في عرافته حتى يدِينوا للحقّ، ويذلُّوا للطاعة. فوثب إليه المسيِّب بن نَجَبة فقطع عليه منطقه ثم قال: يابن الناكثين! أنت تهدّدنا بسيفك وغشمك! أنت والله أذلّ من ذلك؛ إنا لا نلومك على بغضنا، وقد قتلنا أباك وجدّك، والله إني لأرجو ألا يخرجك الله من بين ظهرانيْ أهل هذا المصر حتى يثلِّثوا بك جدّك وأباك، وأمّا أنت أيها الأمير فقد قلتَ قولًا سديدًا، وإني والله لأظنّ مَن يريد هذا الأمر مستنصحًا لك، وقابلًا قولَك.
فقال إبراهيم بن محمد بن طلحة: إي والله! ليقتلنّ وقد أدهن ثمّ أعلن. فقام إليه عبد الله بن وال التيميّ، فقال: ما اعتراضُك يا أخا بني تيم بن مرّة فيما بيننا وبين أميرنا! فوالله ما أنت علينا بأمير، ولا لَك علينا سلطان، إنما أنت أميرُ الجِزْية، فأقبِل على خراجِك، فلعَمر الله لئن كنت مفسدًا ما أفسد أمر هذه الأمة إلا والدك وجدّك الناكثان، فكانت بهما اليدان، وكانت عليهما دائرة السَّوْء.
قال: ثم أقبل مسيِّب بن نَجَبَة وعبد الله بن وال على عبد الله بن يزيد فقالا: أمّا رأيك أيها الأمير فوالله إنا لنرجو أن تكون به عند العامَّة محمودًا وأن تكون عند الذي عَنَيْتَ واعتريت مقبولًا. فغضب أناسٌ من عمال إبراهيمَ بن محمد بن طلحة وجماعة مِمَّن كان معه، فتشاتموا دونه، فشتَمهم الناس وخصَموهم.
فلما سمع ذلك عبد الله بن يزيد نزل ودخل. وانطلق إبراهيم بن محمد وهو يقول: قد داهن عبد الله بن يزيد أهلَ الكوفة، والله لأكتبنّ بذلك إلى عبد الله بن الزبير، فأتى شَبَث بن رِبعيّ التيميّ عبدَ الله بن يزيد فأخبره بذلك، فركب به وبيزيد بن الحارث بن رُوَيم حتى دخل على إبراهيم بن محمد بن طلحة، فحلف له بالله ما أردتُ بالقول الذي سمعتَ إلا العافية وصلاحَ ذات البين، إنما أتاني يزيد بن الحارث بكذا وكذا، فرأيتُ أن أقوم فيهم بما سمعت إرادةَ ألّا تختلف