قال: وأتى يزيد بن الحارث بن يزيدَ بن رُوَيْم الشيبانيّ عبدَ الله بن يزيد الأنصاريّ فقال: إنَّ الناس يتحدّثون: أنّ هذه الشيعة خارجةٌ عليك مع ابن صُرَد، ومنهم طائفة أخرى مع المختار، وهي أقلّ الطائفتين عددًا، والمختار فيما يذكر الناس لا يريد أن يخرج حتى ينظر إلى ما يصير إليه أمرُ سليمان بن صُرَد، وقد اجتمع له أمره، وهو خارج من أيّامه هذه، فإن رأيت أن تَجمعَ الشُّرَط والمقاتِلَة ووجوه الناس، ثمّ تنهض إليهم، وننهض معك، فإذا دفعت إلى منزله دعوتَه، فإن أجابك فحَسْبُه، وإنْ قاتلك قاتلتَه، وقد جمعتُ له وعبأت وهو مغترّ، فإني أخاف عليك إن هو بدأك وأقررته حتى يخرج عليك أن تشتدّ شوكتُه، وأن يتفاقم أمرُه.
فقال عبد الله بن يزيد: اللهُ بيننا وبينهم، إنْ هم قاتلونا قتلناهم، وإن تركونا لم نطلبهم، حدِّثني: ما يريد الناس؟ قال: يذكر الناس أنهم يطلبون بدم الحسين بن عليّ؛ قال: فأنا قتلتُ الحسين! لعن اللهُ قاتِلَ الحسين! قال: وكان سليمان بن صُرَد وأصحابه يريدون أن يثبوا بالكُوفة، فخرج عبد الله بن يزيد حتى صَعِد المنبرَ، ثمَّ قام في الناس فحَمِد الله وأثنَى عليه، ثمَّ قال: أمَّا بعد، فقد بلغني: أنّ طائفة من أهل هذا المصر أرادوا أن يخرجوا علينا، فسألتُ عن الذي دعاهم إلى ذلك ما هو؟ فقيل لي: زعموا: أنهم يطلبون بدم الحسين بن عليّ، فرحم الله هؤلاء القوم، قد والله دُلِلتُ على أماكنهم، وأمِرت بأخذهم، وقيل: ابدأهم قبل أن يبدؤوك، فأبيت ذلك، فقلت: إنْ قاتلوني قاتلتُهم، وإن تركوني لم أطلبهم؛ وعلامَ يقاتلونني! فوالله ما أنا قتلتُ حسينًا، ولا أنا ممن قاتَلَه، ولقد أصِبْت بمقتله رحمة الله عليه! فإن هؤلاء القوم آمنون، فليخرجوا ولينتشِروا ظاهرين ليسيروا إلى مَنْ قاتل الحسين، فقد أقبل إليهم، وأنا لَهم على قاتِلِه ظَهير؛ هذا ابن زياد قاتل الحسين، وقاتل خياركم وأماثلِكم، قد توجّه إليكم؛ عَهْدُ العاهد به على مسيرة ليلة من جسر مَنبِج، فقتاله والاستعداد له أولى وأرشَد من أن تجعلوا باسَكم بينكم، فيقتل بعَضُكم بعضًا، ويسفك بعضُكم دماءَ بعض، فيلقاكم ذلك العدوّ غدًا وقد رققتم، وتلك والله أمنيّة عدوّكم، وإنه قد أقبل إليكم أعدى خلق الله لكم، مَن ولي عليكم هو وأبوه سبع سنين، لا يُقلِعان عن قتل أهل العَفاف والدّين، هو الذي قتلكم، ومن قِبَله أُتيتم، والذي قتل من