٤ - أوصى الإسلام [كتابًا وسنة] بتتبع سيرة الرسول عليه الصلاة والسلام فكان ذلك عاملًا آخر من عوامل اهتمام المسلمين بالسير والمغازي كجزء من التأريخ الإسلامي.
يقول الدكتور الدوري: إن القرآن نصّ على أن أقوال الرسول - صلى الله عليه وسلم - موصى بها وأن سيرته مثل للمسلمين يقتدون به وهنا نجد دافعًا مباشرًا لدراسة أقوال الرسول وأفعاله [بحث في نشاة علم التأريخ / ١٨].
٥ - كان العرب أصحاب شعر وحكايات وقصائد تروي بطولات القبيلة ومواقف رموزها المشهودة -يضاف إلى ذلك كله قوة الحافظة عند العرب تعويضًا عن أميّتهم كما قال عليه الصلاة والسلام "إنا أمة أمية". يقول الأستاذ محمد فتحي عثمان وهو يتحدث عن خصائص العرب يومها: فهي أمة تميّزت بالحفظ والهداية وبالبلاغة والشعر، وبالحرص على الأنساب والفخر بها وكل هذه الثلاثة معين على ازدهار التأريخ [المدخل إلى التأريخ الإسلامي / ١١٤].
٦ - اهتمام الخلفاء المتعاقبين على إدارة الحكم بالمغازي والسير وتأريخ من سبقهم من الملوك والخلفاء وحثّ النسابة والإخباريين على تدوين ما لديهم من الأخبار والأنساب وغير ذلك يقول الأستاذ شاكر مصطفى: فلقد كانت رغبة بعض الأمويين والولاة في المعرفة التأريخية وإن كانت لها أسبابها بالنسبة إليهم مشجعًا لإدخال هذه المعرفة بين المعارف النبيلة المطلوبة في المجتمع الإسلامي. وإذا كان معاوية قد استدعى عبيد بن شرية من صنعاء ليسأله عن ملوك العرب والعجم ويأمر بتسجيل ما يقول ويجلس كل مساء لسماع أخبار التأريخ وكان مروان بن الحكم يدني مجلس حكيم بن حزام ليسمع منه أخبار المغازي وعبد الملك يطلب أخبارها من التابعين وكان عروة بن الزبير راوية التأريخ على صلة بعبد الملك وابنه الوليد وبعمر بن عبد العزيز فقد عرفنا أيضًا أن هشام بن عبد الملك وضع لابن شهاب الزهري كاتبين يكتبان عنه سنة فلما مات الزهري وجدت له أكوام من الكتب في خزائن الأمويين [التاريخ العربي والمؤرخون / ص ٦٧].
٧ - إن إنشاء أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه للدواوين وتسجيل أسماء المجاهدين الفاتحين حسب قبائلهم وأسرهم شجّع ظهور النسابة الخبراء في أنساب القبائل على اختلافها وأضحى الأنساب فيما بعد جزءًا من التأريخ حتى