للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= أعلام النبلاء ١٠/ ٤٠٠) لكن ما ساقه عنه لا يخلو من مطعن كالإرسال وغيره.
كما أرّخ ابن سعد لرسالة كسرى قبل ليلة الثلاثاء لعشر مضين من جمادى الأولى سنة سبع للهجرة التي قتل فيها كسرى - وقد ذكر البخاري رسالة كسرى في أعقاب غزوة تبوك في العام التاسع الهجري لكن من الواضح أن البخاري لم يراع عنصر الزمن في سرد محتويات صحيحه، وقد يكون أراد الإشعار بذلك كما ذهب الحافظ ابن حجر.
ولكنه يبقى مجرد استنتاج لا يمكن القطع به، مما يقوي ما ذكرت أن ابن هشام ساق خبر خروج الرسل إلى الملوك بعد حجة الوداع في العام العاشر، رغم أن النص الذي ذكره يصرح بأن ذلك بعد عمرة الحديبية مع أن مراعاة الترتيب على أساس زمني أقوى في سيرة ابن هشام من صحيح البخاري.
وقد نبه الحافظ ابن حجر نفسه على احتمال تصرف بعض رواة صحيح اليخاري في تقديم وتأخير بعض التراجم مثل تقديم حج أبي بكر سنة تسع على ذكر الوفود.
ومثل تقديم حجة الوداع على غزوة تبوك، كما نبه إلى أن البخاري جمع ما وقع على شرطه من البعوث والسرايا والوفود ولو تباينت تواريخهم.
وواضح أن الاختلاف يسير بين التاريخين ووفق ابن حجر بينهما بقوله (أن دحية أرسل إلى هرقل في آخر سنة ست بعد أن رجع النبي - صلى الله عليه وسلم - من الحديبية فوصل إلى هرقل في المحرم سنة سبع).
ويدل حديث صحيح على أن كتاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان قد وصل إلى هرقل في مدة صلح الحديبية، وقال أنس بن مالك: كتب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى كل جبار يدعوهم إلى الله وسمّى منهم كسرى وقيصر والنجاشي. قال: وليس بالنجاشي الذي أسلم.
ولا شك أن مكاتبة الملوك خارج جزيرة العرب تعبير عملي عن عالمية الرسالة الإِسلامية، تلك العالمية التي أوضحتها آيات نزلت في العهد المكي مثل قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلا رَحْمَةً لِلْعَالمِينَ}.
مما يوضح خطأ النظرة القائلة بالتدرج في نطاق الدعوة من الإقليمية إلى العالمية تبعًا لاتساع النفوذ السياسي للرسول - صلى الله عليه وسلم - فإن صفة العالمية تقررت والمسلمون مستضعفون بمكة يخافون أن يتخطفهم الناس.
وقد أخرج البخاري في صحيحه نص كتاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - الذي بعث به دحية إلى عظيم بصرى فدفعه إلى هرقل، وهو النص الوحيد الذي ثبتت صحته وفق شروط المحدثين من بين سائر نصوص الكتب التي وجهت إلى الملوك والأمراء التي ينبغي أن تنقد من جهة المتن والسند معًا قبل اعتمادها تاريخيًا فضلًا عن الاستدلال بها في مجال التشريع، ونصه كما يلي: =

<<  <  ج: ص:  >  >>