للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وكان إذا أشكل على عمر شيء قال: ها هنا علي، قم لا أقام الله رجليك، ومحا اسمه من الديوان فبلغ ذلك عليًّا.
فقال جزاه الله خيرًا، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأذني وإلا صُمّتا يقول له: "أنت يا معاوية أحد أمناء الله، اللهم علمه الكتاب ومكن له في البلاد".
(مختصر تأريخ دمشق لابن منظور / ترجمة معاوية / ٦).
فلنا: ولم نحصل على الجزء الأصلي من تأريخ دمشق (قبل اختصاره) والذي يحتوي على هذا الخبر كي نتحقق من سنده هل صحَّ أم لا؟ علمًا بأن والله أعلم.
وأخرج ابن عساكر أيضًا عن المغيرة قوله: لما جاء قتل علي إلى معاوية جعل يبكي ويسترجع فقالت له امرأته: تبكي عليه وقد كنت تقاتله. فقال لها ويحك؛ إنك لا تدرين ما فقد الناس من الفضل والفقه والعلم. (مختصر تأريخ دمشق / ترجمة معاوية / ٣٩).
ولقد سردنا هذه الروايات لنبين أن معاوية - رضي الله عنه - ما كان يقاتل عليًّا منافسة على السلطة ولا جهلًا ولا إنكارًا لفضله وعلمه ولا بغضًا له وإنما وقف معاوية موقفه هذا اجتهادًا منه وظنًا منه أن موقفه صواب وعمل بالآي الكريم في حق ولي المقتول في الطلب بدم القتيل وكما أخرج الطبري (٥/ ٣٣٢) عن أبي بردة حين دخل على معاوية وفيه: (فإن أباه كان لي خليلًا أو نحو ذلك من القول غير أني رأيت في القتال ما لم يره). وإسناده صحيح.
قال ابن عباس:
كنتُ جالسًا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - وعنده أبو بكر وعمر وعثمان ومعاوية إذْ أقبل عليُّ بن أبي طالب فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لمعاوية: أتحبُّ عليًّا يا معاوية؟ فقال معاوية. إي والله الذي لا إله إلا هو إني لأحبُّه في الله حُبًّا شديدًا. فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: إنها ستكونُ بينكم هنيهة. قال معاوية: ما يكونَ بعد ذلك يا رسول الله؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: عَفُوُ الله ورضوانُه، والدخول إلى الجنة. قال معاوية: رضينا بقضاء الله، فعند ذلك نزلَتْ هذه الآية: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ} [البقرة: ٢٥٣].
والروايات في اعتراف معاوية بأفضلية علي كثيرة منها خاصة في فضل علي ومنها عامة في فضائل علي وبقية الخلفاء الراشدين من قبله كما ذكر الذهبي رواية المدائني عن أبي عبيد الله عن عبادة بن نُسي: قال خطبنا معاوية فقال: إن من زرع قد استحصد، وقد طالت إمرتي عليكم حتى مللتكم ومللتموني، ولا يأتيكم بعدي خيرٌ مني كما أن من كان قبلي خيرٌ مني، اللهم قد أحببت لقاءك، فأحبب لقائي - (تأريخ الإسلام / عهد معاوية / ٣١٦) وهو عند البلاذري (أنساب الأشراف ٤/ ١ / ح ١٦٢) من طريق سعيد بن عامر الخزرجي عن عبادة بن نسي قال: خطب معاوية فقال: "إني كزرع مستحصد، وقد طالت إمرتي عليكم حتى مللتكم ومللتموني وتمنيت فراقكم وتمنيتم فراقي، ولن يأتيكم بعدي إلّا من أنا خير منه كما أن من =

<<  <  ج: ص:  >  >>