وَفي العُيَيْنِيُّ للإِمامِ ولمْ ... يُرهِبْهُ وقْعُ المُشَطَّبِ الذَّكَرِ
سَاورَ رَيبُ المَنونِ دَاهِيَةً ... لولا خُضَوعُ العِبادِ للقَدَرِ
فامضِ حميدًا فكلُّ ذي أَجل ... يسْعَى إلى ما سَعَيتَ بالأَثرِ
وقال بعض المهالبة، وجرح في تلك الوقعة جراحات كثيرة وقطعت يده:
فما لمتُ نفسي غيرَ أَنِّي لم أُطِقْ ... حرَاكَا وأَني كنتُ بالضَّرْب مُثخنَا
ولو سَلِمَتْ كفَّاي قاتلتُ دونه ... وضارَبتُ عنه الطاهِرِيَّ المُلَعَّنا
فتًى لا يَرَى أَنْ يَخذِل السيفَ في الوغى ... إِذَا ادَّرَعَ الهيجاءَ في النقع واكتَنَى
وذكر عن الهيثم بن عديّ، قال: لما دخل ابن أبي عيينة على طاهر فأنشده قوله:
مَنْ آنسَتْه البلادُ لم يَرِمِ ... منها ومَن أَوحشَتْهُ لم يُقِم
حتى انتهى إلى قوله:
ما ساءَ ظَنِّي إلا لواحدةٍ ... في الصَّدرِ محصَورةٍ عنِ الكلِمِ
فتبسمّ طاهر، ثم قال: أما والله لقد ساءني من ذلك ما ساءك، وآلمني ما آلمك، ولقد كنت كارهًا لما كان، غير أن الحتف واقع، والمنايا نازلة، ولا بدّ من قَطْع الأواصر والتنكّر للأقارب في تأكيد الخلافة، والقيام بحقّ الطاعة، فظننا أنه يريد محمد بن يزيد بن حاتم (١).
وذكر عمر بن أسد، قال: أقام طاهر بالأهواز بعد قتله محمد بن يزيد بن حاتم، وأنفذ عمّاله في كُورها، وولّي على اليمامة والبحرين وعُمان مما يلي الأهواز، ومما يلي عمل البصرة، ثم أخذ على طريق البرّ متوجّهًا إلى واسط، وبها يومئذ السنديّ بن يحيى بن الحَرشيّ والهيثم خليفة خزيمة بن خازم، فجعلت المسالح والعمال تتقوّض، مسلحة مسلحة، وعاملًا عاملًا، كلّما قرب طاهر منهم تركوا أعمالهم وهربوا عنها، حتى قرب من واسط، فنادى
(١) أما ابن قتيبة الدينوري فقد ذكر أصل الخبر قائلًا: ولما أتى طاهر الأهواز وجد عليها واليًا من المهالبة لمحمد فقتله واستولى على الأهواز ثم سار إلى واسط وهرثمة إلى حلوان [المعارف / ١٩٦] وانظر الأخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري (٣٩٩). فقد ذكر مسير طاهر إلى الأهواز وانظر خليفة (٣٠٩).