للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوفقني للصواب ويسددني للرشاد، ويلهمني الرأفة بكم والإحسان إليكم، ويفتحني لأعطياتكم، وقسم أرزاقكم بالعدل عليكم، إنه سميع قريب.

وذكر عن داود بن رشيد عن أبيه، أنّ المنصور خطب فقال: الحمد لله، أحمده وأستعينه، وأومن به وأتوكّل عليه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له .. فاعترضه معترض عن يمينه، فقال: أيّها الإنسان، أذكّرك مَنْ ذكرت به ... فقطع الخطبة ثم قال: سمعًا سمعًا؛ لمن حفظ عن الله وذكّر به، وأعوذ بالله أن أكون جبّارًا عنيدًا، وأن تأخذَنِي العزّة بالإثم، لقد ضللتُ إذًا وما أنا من المهتدين. وأنتَ أيها القائل؛ فوالله ما أردتَ بها وجه الله؛ ولكنّك حاولتَ أن يقال: قام فقال فعوقب فصبر، وأهوْن بها! ويلك لو هممتُ! فاهتبلها إذ غفرت، وإياك وإياكم معشر الناس أختها؛ فإنّ الحكمة علينا نزلتْ، ومن عندنا فصلت، فردُّوا الأمر إلى أهله، تورِدوه مواردَه، وتُصدروه مصادرَه ... ثم عاد في خطبته، فكأنه يقرؤها من كفه فقال: وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله (١).

* * *


= سمعت أبا جَعْفَر المَنْصُور بعرفات يخطب فقال في آخر خطبته: يا أيها الناس، أنا سلطان الله في أرضه أسوسكم بتوفيقه وتسديده وتأييده ونصره، وخازنه على فيئه أعمل فه بمشيئته، وأقسم بإرادته، وأعطيته، قد جعلني عليه قفلًا إن شاء أن يفتحني لأعطائكم، وقسم أرزاقكم فتحني، وإن شاء أن يقفلني عليها قَفَلَني، فارغبوا إلى الله، وأسألوه في هذا اليوم الشريف الذي ذهب للمرء فيه من فضله ما أعلمكم في كتابه إذ يقول: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} أن يوفقني للصواب، والرشاد، ويلهمني الرأفة والرحمة والإحسان إليكم، ويفتحني لإعطائكم وقسم أرزاقكم بالعدل عليكم.
[تأريخ دمشق / المجلد السابق / ٣١١].
وهذان طريقان يتعاضدان ببعضهما إن شاء الله تعالى.
(١) الخبر له ما يؤيده فقد أخرجه ابن عساكر من طريقين الأول من طريق ابن قتيبة عن المعلّى بن أيوب أن المَنْصُور خطب بمكة، فحمد الله تعالى وأثنى عليه، ومضى في =

<<  <  ج: ص:  >  >>