للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= البصرة والذي كان يدافع عن عائشة ويطلب الصلح معًا) يقول: عندما رأى علي رضي الله عنه جثته قال: والله إنك -ما علمت- كنت لصليبًا في الحق قاضيًا بالعدل وكيت وكيت فأثنى عليه. (الطبري ٤/ ٥٢٨) قسم الصحيح.
وكانت السيدة عائشة رضي الله عنها كلما تذكرت المعركة تألمت، وكما أخرج الذهبي في سير أعلام النبلاء (٢/ ١٤٢) كانت رضي الله عنها إذا قرأت: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} بكت حتى يبتلّ خمارها. وكما أخرج ابن أبي شيبة في مصنفه (١٥/ ٢٨١) أنها قالت: وددت أني كنت غصنًا رطبًا ولم أسر مسيري هذا، وأخرج الهيثمي في مجمع الزوائد (٧/ ٢٣٨) أنها رضي الله عنها قالت: وددت أني كنت جلست كما جلس أصحابي.
وأخرج الذهبي من طريق ابن علية عن أبي سفيان بن العلاء المازني عن أبي عتيق قال: قالت عائشة: إذا مر ابن عمر فأرونيه فلما مر قيل لها: هذا ابن عمر، قالت: يا أبا عبد الرحمن! ما منعك أن تنهاني عن مسيري؟ قال: رأيت رجلًا قد غلب عليك وظننت أنك لا تخالفيه (يعني: ابن الزبير) قالت: أما أنك لو نهيتني ما خرجت (تعني: مسيرها في فتنة يوم الجمل).
١٣ - وفي خضم المعركة تنخلع قلوب المؤمنين لهودج أم المؤمنين زوجة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويخشون أن يقتلها من لا يعرف قدر أم المؤمنين عائشة من السبئيين وقتلة عثمان ومن اغترّ بهم من حديثي الإسلام ضعاف الإيمان، فيحوط الفرسان الشجعان بهودج أمهم ويمسكون بخطام الناقة ولا يهمهم أن يسقطوا صرعى دون أمّهم رضي الله عنها وأرضاها وهذا أثناء المعركة، ولقد سبق أن تحدثنا عن هذا قبل قليل (الطبيعة الدفاعية للمعركة).
وأما بعد انتهاء المعركة وسقوط المدافعين من حول الهودج وانقضاض البقية يأتي دور الطرف المقابل، فيسارعون إلى هودج أمهم بعد عقر الجمل إيذانًا بانتهاء المعركة، ولتطمئن أم المؤمنين، فليس الأعيان في الأبطال في الطرف الآخر بأقل حمية وغيرة ودفاعًا عن أمهم أم المؤمنين رضي الله عنها، ومع كل ما حصل لم يزد أصحاب علي على أن عاتبوها عتابًا نديًا، واعتذروا إن كان بدر من أحد المقاتلين (الذين لا يعرفون قدرها) كلامًا يسوؤها ويشترون لها ناقة ويرجعونها معززة مكرمة.
فقد أخرج ابن أبي شيبة في مصنفه (١٥/ ٢٨٥ / ح ١٩٦٧٧) عن عبد الرحمن بن أبزى حديثًا فيه: (انتهى عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي إلى عائشة يوم الجمل وهي في الهودج فقال: يا أم المؤمنين! أتعلمين أني أتيتك عندما قتل عثمان فقلت: ما تأمريني؟ فقلت: الزم عليًّا، فسكتت. فقال: اعقروا الجمل فعقروه، فنزلت أنا وأخوها محمد فاحتملنا هودجها فوضعناه بين يدي علي، فأمر بها فأدخلت بيتًا) اهـ.
وجوّد الحافظ إسناده (الفتح ١٣/ ٦١) وفي رواية الطبري التي ذكرنا في قسم الصحيح (٤/ ٥٣٧) ودخل القعقاع بن عمرو على عائشة في أول من دخل، فسلّم عليها فقالت: إني رأيت رجلين بالأمس اجتلدا بين يدي وارتجزا بكذا فهل تعرف كوفيك منهما؟ قال: نعم ذاك =

<<  <  ج: ص:  >  >>