للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسلم بن سعيد يريد أن يخلع؛ فهو يكرهنا على الخروج، فأرسلت تَغلب إلى عمرو بن مسلم: إنك منا، وأنشدوه شعرًا قاله رجل عزا باهلة إلى تَغْلِب (١) - وكان بنو قتيبة من بَاهلة - فقالوا: إنّا من تغلِب، فكرهتْ بكْر أن يكونوا في تَغلب فتكثر تغلِب، فقال رجل منهم:

زَعمَتْ قتيبةُ أنها مِنْ وَائِل ... نسَبٌ بعيدٌ يا قتيبةُ فاصْعَدِي

وذكر أن بني مَعن من الأزد يُدْعَوْن باهلة، وذكر عن شريك بن أبي قيلة المعنى أن عمرو بن مسلم كان يقف على مجالس بني معْن، فيقول: لئن لم نكن منكم ما نحن بعرب؛ وقال عمرو بن مسلم حين عَزاه التّغلبَيّ إلى بني تغلِب: ويزيد بن المفضل الحُدّانيّ، وكلما نصرًا وناشداه فانصرف. فحمل أصحاب عمرو بن مسلم والبختريّ على نصر، ونادوا: يالَ بكر! وجالوا، وكرّ نصر عليهم؛ فكان أوّلَ قتيل رجلٌ من باهلة، ومع عمرو بن مسلم البحتريُّ وزياد بن طَريف الباهليّ فقتِل من أصحاب عمرو بن مسلم في المعركة ثمانية عشر رجلًا، وقتِل كردان أخو الفُرافِصَة ومَسْعدة ورجل من بكر بن وائل يقال له إسحاق، سوى مَن قتل في السكك، وانهزم عمرو بن مسلم إلى القصر وأرسل إلى نصر: ابعث إلى بلْعاء بن مجاهد، فأتاه بلعاء، فقال: خذْ لي أمانًا منه، فآمنه نصر، وقال: لولا أني أُشمِت بك بكر بن وائل لقتلتك.

وقيل: أصابوا عمرو بن مسلم في طاحونة، فأتوا به نصرًا في عُنقه حَبْل، فآمنه نصر، وقال له ولزياد بن طريف والبختريّ بن دِرْهَم: الحقوا بأميركم.

وقيل: بل التقى نصر وعمرو بالبرُوقان، فقتِل من بكر بن وائل واليمن ثلاثون، فقالت بكر: علام نقاتل إخواننا أميرنا، وقد تقرّبنا إلى هذا الرجل فأنكر قرابتنا! فاعتزلوا، وقاتلت الأزْد، ثم انهزموا ودخلوا حصنًا فحصرهم نصر، ثم أخذ عمرو بن مسلم والبختريَّ أحد بني عبَّاد وزياد بن طريف الباهليَّ، فضربهم نصر مئة مئة، وحلق رؤوسهم ولحاهم، وألبسهم المُسوح. وقيل: أخذ البَختريّ في غيضة كان دخلها، فقال نصر في يوم البرُوقان:

أرَى العينَ لجَّتْ في ابتدارٍ وما الذي ... يَرُدّ عليها بالدموعِ ابتدارُها!


(١) ابن الأثير: "قاله رجل من باهلة إلى تغلب".

<<  <  ج: ص:  >  >>