نحن وأنتم نقاتلهم؛ فإن نظهر نحن وأنتم [نأت] بمن يقيم فينا كتاب الله وسنة نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -، فقلتم: لا نقوى، فقلنا لكم: فخلُّوا بيننا وبينهم؛ فإن نظفر نعدل في أحكامكم ونحملكم على سنة نبيكم - صلى الله عليه وسلم -[ونقسم] فيئكم بينكم، فأبيتم، وقاتلتمونا دونهم، فقاتلناكم، فأبعدكم الله وأسحقكم!
قال محمد بن عمر: حدّثني حزام بن هشام، قال: كانت الحَرُورية أربعمئة، وعلى طائفة من الحروية الحارث، وعلى طائفة بكار بن محمد العدويّ؛ عديّ قريش، وعلى طائفة اْبو حَمْزة، فالتقوا وقد تهيّأ الناس بعد الإعذار من الخوارج إليهم، وقالوا لهم: إنا والله ما لنا حاجة بقتالكِم، دعونا نمض إلى عدوّنا. فأبى أهل المدينة، فالتقوا لسبع ليال خَلَوْن من صَفر يوم الخميس سنة ثلاثين ومئة، فقتل أهل المدينة، لم يفلت منهم إلا الشريد، وقتل أميرهم عبد العزيز بن عبد الله، واتهمت قريش خُزاعة أن يكونوا داهنوا الحروريّة. فقال لي حزام: والله لقد آويتَ رجالًا من قريش منهم حتى آمن الناس؛ فكان بَلْج على مقدّمتهم. وقدمت الحروريّة المدينة لتسع عشرة ليلة خلت من صفر.
حدثني العباس بن عيسى، قال: قال هارون بن موسى: أخبرني بعض أشياخنا، أن أبا حمزة لما دخل المدينة قام فخطب فقال في خطبته:
يا أهل المدينة مررتُ [بكم] في زمن الأحول هشام بن عبد الملك، وقد أصابتكم عاهة في ثماركم وكتبتم إليه تسألونه أن يضع أخراصكم عنكم، فكتب إليكم يضعها عنكم، فزاد الغنيّ غنى، وزاد الفقير فقرًا، فقلتم: جزاك الله خيرًا؛ فلا جزاكم الله خيرًا ولا جزاه. [٧/ ٣٩٤ - ٣٩٥].
قال العبّاس: قال هارون: وأخبرني عبد الملك بن الماجشون، قال: لما لقى أبو حمزة وابن عطيّة، قال أبو حمزة: لا تقاتلوهم حتى تخبرُوهم، قال: فصاحوا بهم: ما تقولون في القرآن والعمل به؟ قال: فصاح ابنُ عطيَّة: نضعه في جوف الجُوالق، قال: فما تقولون في مال اليتيم؟ قال: نأكل مالَه ونفجُر بأمِّه .. في أشياء بلغني أنهم سألوهم عنها. قال: فلما سمعوا كلامهم، قاتلوهم حتى أمسوا، فصاحوا: ويحك يابن عطية! إنّ الله عزّ وجلّ قد جعل الليل سكنًا،