ابن الأشعث فأحضره وثلاثين من أهل بيته، وقد أعدّ لهم الجوامع والقيود، فألقى في عنقِه جامعةً، وفي عنق القاسم جامعة، وأرسل بهم جميعًا إلى أدنى مَسالح عمارة منه، وقال لجماعة من كان مع ابنِ الأشعث من الناس: تفرّقوا إلى حيث شئتم، ولما قرب ابن الأشعث من عمارة ألقَى نفسَه من فوق قَصْر فمات، فاحتزّ رأسه، فأتى به وبالأسرى عمارة، فضرب أعناقهم، وأرسل برأس ابن الأشعث، وبرؤوس أهلِه وبامرأته إلى الحجّاج، فقال في ذلك بعضُ الشعراء:
هيهات موضعُ جُثَّةٍ من رأسِها ... رأسٌ بمصرَ وجثَّة بالرَّخَّجِ
وكان الحجاج أرسل به إلى عبدِ الملك، فأرسل به عبد الملك إلى عبد العزيز وهو يومئذ على مِصر. (٦/ ٣٩٠ - ٣٩١).
وذكر عمر بن شبّة أن ابن عائشةَ حدّثه قال: أخبرَني سعد بنُ عُبيد الله قال: لما أتِي عبدُ الملك برأسِ بن الأشعث، أرسَل به مع خصيّ إلى امرأة منهم كانت تحتَ رجل من قريش، فلما وُضع بين يديْها قالت: مرحبًا بزائر لا يتكلّم؛ مَلِك من الملوك طلَب ما هو أهلهُ فأبت المقادير، فذهب الخَصِيّ يأخذ الرأس فاجتذبتْه من يدِه، قالت: لا واللهِ حتى أبلغ حاجتي، ثمّ دعت بخَطميّ فغسَلَتْه وغلّفتْه ثمّ قالت: شأنَك به الآن. فأخذه، ثم أخبر عبد الملك، فلمَّا دخل عليه زوجُها، قال: إن استطعتَ أن تصيبَ منها سَخْلة.
وذكر أنّ ابن الأشعث نظر إلى رجل من أصحابه وهو هارِبٌ إلى بلاد رتْبيلَ فتمثّل: