بيدي؛ والله لئن سقط من شعري شعرة ليهلكنّ أو ليذهبن بها أكثركم، أمَا دين! أما حياء! أما رِعة! كم يكون هذا الخلاف على الخلفاء والإقدام والجرأة على الله! سواء عليكم مَنْ قصد الإبقاء عليكم ومن كان إذا بلغه مثل هذا عنكم دعا بأرطال الشراب فشربها مسرورًا بمكروهكم وحبًّا لبواركم! خبِّروني عنكم؛ هل تعلمون أنه وصل إليّ من دنياكم هذه شيء! أما إنك تعلم يا بايكباك أنّ بعض المتصلين بك أيسر من جماعة إخوتي وولدي؛ وإن أحببتَ أن تعرف ذلك فانظر: هل ترى في منازلهم فرشًا أو وصائف أو خدمًا أو جواريَ! أو لهم ضياع أو غلات! سوءة لكم! ثم تقولون: إني أعلم علم صالح، وهل صالحٌ إلا رجل من الموالي، وكواحد منكم! فكيف الإقامة معه إذا ساء رأيكم فيه! فإن آثرتم الصلح كان ذلك ما أهوى لجمعكم، وإن أبيتم إلا الإقامة على ما أنتم عليه فشأنكم؛ فاطلبوا صالحًا، ثم ابلغوا شفاء أنفسكم؛ وأما أنا فما أعلم علمه. قالوا: فاحلف لنا على ذلك، قال: أمّا اليمين فإني أبذلها لكم؛ ولكني أؤخّرها حتى تكون بحضرة الهاشميين والقضاة والمعدّلين وأصحاب المراتب غدًا إذا صلّيت الجمعة، فكأنهم لانوا قليلًا، ووجّه في إحضار الهاشميين فحضروا في عشيّتهم، فأذن لهم، فسلّموا ولم يذكرْ لهم شيئًا، وأمِروا بالمصير إلى الدار لصلاة الجمعة، فانصرفوا وغدا الناس يوم الجمعة ولم يحدثوا شيئًا، وصلّى المهتدي، وسكن الناس وانصرفوا هادنين.
وذُكِر عن بعض مَنْ سمع الكلام في يوم الأربعاء يقول: إن المهتدي لما خُوّن صالح قال: إن بايكباك قد كان حاضرًا ما عمل به صالح في أمر الكتّاب ومال ابن قبيحة، فإن كان صالح قد أخذ من ذلك شيئًا فقد أخذ مثل ذلك بايكباك؛ فكان ذلك الذي أحفظ بايكباك.
وقال آخر: إنه سمع هذا القول، وإنه ذكر محمد بن بغا، وقال: قد كان حاضرًا وعالمًا بما أجرَوا عليه الأمر، والشريك في ذلك أجمع، فأحفظ ذلك أبا نصر.
وقد قيل: إن القوم من لدن قدم موسى كانوا مضمرين هذا المعنى، منطوين على الغِلّ؛ وإنما كان يمنعهم منه خوف الاضطراب وقلة الأموال؛ فلما ورد عليهم مال فارس والأهواز تحرّكوا، وكان ورود ذلك عليهم يوم الأربعاء لثلاث