عَسلُ الفوَارع ما أُطِعتَ فإِن تُهَجْ ... فالصَّابُ يُمزَجُ بالسِّمامِ الناقع
متَيقظًا حَذِرًا وما يخشى العِدَى ... نَبْهانُ من وسَنَاتِ ليل الهاجعِ
مُلئت قلوبُ الناسِ منك مخافةً ... وتَبيتُ تَكلؤهم بقلبٍ خاشعِ
بأَبي وأُمِّي فديةً وبنيهمَا ... من كُلِّ مُعضِلةٍ وريْبٍ واقعِ
ما أَليَنَ الكَنَفَ الذي بوَّأتَنِي ... وَطنًا وأَمرَعَ رتعَهُ للراتعِ
للصالحات أَخًا جُعِلت وللتقى ... وأَبًا رَءوفا للفقيرِ القانعِ
نفسي فِداؤك إِذ تضلُّ معاذري ... وأَلوذُ منك بفضلِ حلمٍ واسعِ
أَمَلًا لَفضلك والفواضلُ شِيمةٌ ... رفَعَت بناءَك بالمحلِّ اليافعِ
فَبَذَلتَ أَفضلَ ما يضيقُ ببذْلِه ... وُسعُ النفوسِ من الفَعَالِ البارع
وعفوتَ عمّن لم يكن عن مثلِه ... عفوٌ، ولم يشفع إليك بشافع
إِلّا العلوَّ عن العقوبة بعدما ... ظَفرَت يداك بمستكين خاضع
فرَحمتَ أَطفالا كأَفراخ القَطَا ... وعَويلَ عَانِسَةٍ كقَوْسِ النازع
وَعَطَفت آصِرَةً عليَّ كما وَعَى ... بعد انهِيَاضِ الوشْيِ عَظمُ الظالع
الله يعلَم ما أَقولُ فإِنَّها ... جَهدُ الأَليَّةِ من حَنيفٍ راكع
ما إن عصيتك والغُوَاة تَقُودني ... أَسبابها إِلا بِنِيَّةِ طَائع
حتى إِذا علِقَت حَبَائلُ شقوتي ... بِرَدىً إِلى حُفَرِ المهالك هَائعِ
لم أَدْرِ أَنَّ لمثل جُرمِي غَافرًا ... فوقفتُ أَنظر أَيّ حَتفٍ صارعي
ردَّ الحياةَ عليَّ بعد ذَهَابِها ... وَرَعُ الإِمام القَادِرِ المتواضعِ
أَحياك مَنْ وَلَّاك أَطولَ مُدَّةٍ ... ورمى عَدُوَّكَ في الوَتِينِ بقَاطِعِ
كَمْ من يَدٍ لك لم تُحَدِّثْني بها ... نفسي إِذَا آلَتْ إِليَّ مطامِعي
أَسديتَها عفوًا إِليَّ هنيئةً ... فشكرتُ مُصطَنعًا لأَكرم صانِعِ
إِلَّا يسيرًا عند ما أَولَيتَني ... وهو الكثيرُ لديَّ غيرُ الضائع
إِن أَنت جدتَ بها عليَّ تكن لها ... أَهلًا، وإِن تمنع فأَعدَلُ مانعِ
إِنَ الذي قَسَم الخلافةَ حَازَها ... في صُلبِ آدَمَ للإِمام السابِعِ
جَمَعَ القلوبَ عليك جَامعُ أَمرِها ... وحَوَى ردَاؤك كلَّ خيرٍ جامع
فذكر أن المأمون حين أنشده إبراهيم هذه القصيدة، قال: أقول ما قال يوسف