في صينيّةِ ذهب، فأمر المأمون أن تُجمع، وسألها عن عدد ذلك الدرّ كم هو؟ فقالت: ألف حبّة، فأمر بعدّها فنقضت عشرًا، فقال: مَنْ أخذها منكم فليردّها، فقالوا: حُسين زجلة، فأمره بردّها، فقال: يا أميرَ المؤمنيْن؛ إنما نُثر لنأخذه، قال: ردّها فإني أخلفها عليك، فردّها. وجمع المأمون ذلك الدرّ في الآنية كما كان، فوُضع في حجْرها، وقال: هذه نحلتك، وسَلِي حوائجك؛ فأمسكت. فقالت لها جدّتها: كلّمي سيدك، وسليه حوائجك فقد أمرك، فسألته الرّضا عن إبراهيم بن المهديّ، فقال: قد فعلت، وسألته الإذن لأمّ جعفر في الحجّ، فأذن لها. وألبستها أم جعفر البَدَنة الأمويّة، وابتنى بها في ليلته، وأوقد في تلك الليلة شمعة عنبر؛ فيها أربعونَ منًّا في تور ذهب. فأنكر المأمون ذلك عليهم، وقال: هذا شرَف؛ فلمّا كان من الغد دعا بإبراهيم بن المهديّ فجاء يمشي من شاطئ دِجلة، عليه مُبطّنةُ ملحَم، وهو معتمّ بعمامة، حتى دخل؛ فلما رُفع الستر عن المأمون رمى بنفسه، فصاح المأمون: يا عمّ، لا بأس عليك، فدخل فسلم عليه تسليمَ الخلافة، وقبّل يده، وأنشد شعره، ودعا بالخلَع فخلع عليه خلعة ثانية، ودعا له بمركَب وقلّده سيفًا، وخرج فسلّم الناس، ورُدّ إلى موضعه.
وذُكر أنّ المأمون أقام عند الحسن بن سهل سبعة عشر يومًا يعدّ له في كلّ يوم لجميع مَنْ معه جميع ما يُحتاج إليه. وأنّ الحسن خلع على القوّاد على مراتبهم، وحملهم ووصلهم؛ وكان مبلغ النفقة عليهم خمسين ألف ألف درهم. قال: وأمر المأمون غسان بن عبّاد عند منصرَفه أن يدفع إلى الحسن عشرة آلاف ألف من مالِ فارس، وأقطعه الصِّلح فحمِلت إليه على المكان؛ وكانت معدّة عند غسان بن عباد، فجلس الحسن ففرّقها في قُوّاده وأصحابه وحشمه وخدمه؛ فلمّا انصرف المأمون شيّعه الحسن، ثم رجع إلى فم الصِّلح.
فذُكر عن أحمد بن الحسن بن سهل، قال: كان أهلنا يتحدّثون أنّ الحسن بن سهل كتب رقاعًا فيها أسماء ضياعه، ونثرها على القوّاد وعليّ بني هاشم؛ فمَنْ وقعت في يده رقعة منها فيها اسم ضَيْعة بحث فتسلمها.
وذكِر عن أبي الحسن عليّ بن الحسين بن عبد الأعلى الكاتب، قال: حدّثني الحسن بن سهل يومًا بأشياء كانت في أم جعفر، ووصف رجاحة عقلها وفهمها، ثمّ قال: سألها يومًا المأمون بفم الصِّلح حيث خرج إلينا عن النفقة على بُوران،